ولا تطرد السكينة التي تختص بالأنبياء والمؤمنين، * (وكلا منها رغدا) * أكلا واسعا، وتمتعا في الجنة حيث شئتما، وعيشا في سعة، وإليه يشير قوله تعالى: * (لا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل) * (1) فإن الأكل أعم من الأكل اللغوي، فأنتما في الجنة ساكنين في سعة من العيش المناسب لمقامكم.
نعم * (لا تقربا) * فقط * (هذه الشجرة) * المنافية لمقامكم الآدمي والإنساني الروحاني في المعالي، كي * (تكونا من الظالمين) * قهرا ولاعن اختيار، إلا بسوء الاختيار، وبانتخاب السبب واصطفاء الجهة المنتهية إليه، فإنه * (لا ينال عهدي الظالمين) * ولا يبقى على العهد الإلهي وعهد الله الباقي الدائمي.
* (فأزلهما الشيطان عنها) *، أي عن تلك الشجرة، فإن القرب منها لم يكن منهيا عنه * (فأخرجهما مما كانا فيه) *، وهو المقام المحرر لهما والمنزلة المقررة الشامخة، أي مما كانا بحسب فطرة الله التي فطر الناس عليها.
* (وقلنا) * حسب المقام المناسب للمقام الإلهي * (اهبطوا) * من الجنة ومما كانا فيه بحسب التقدير والفطرة * (بعضكم لبعض عدو) *، وذلك مثل قوله تعالى: * (رب ارجعون) * (2) فإن المخاطب واحد هناك، واثنان هنا، * (ولكم في الأرض) * وهذه الكرة * (مستقر ومتاع إلى حين) *، لاعلى الدوام، فإن الأرض لا تناسب الأبدية، كما لا تناسب الأزلية.
وقريب منها: * (فأزلهما الشيطان) * المتصل والوهم الجزئي