لما في سورة الأعراف، وفيه من الأسرار لفت النظر إلى تدلى آدم بالتوبة، وتلقي الكلمات الجابرة للخسران والعثرة * (فإما يأتينكم مني هدى) * من الكتب والنبوة والرسالة - الباطنية أو الظاهرية - والعقل أو النقل بشتى أشكاله ومختلف أطواره، مما ينتهي إلى الهداية بحسب الطبع والطينة، هداية حقيقية كاملة جامعة، أو ناقصة قاصرة فيها النجاح بالآخرة.
* (ومن تبع هداي) * الخاص المضاف إليه تعالى، الخالي عن كافة الزلات المضلات والغوايات المتوسطة في الطريق، اتباعا روحيا معنويا وعمليا جوانحيا وجوارحيا.
* (فلا خوف عليهم ولا هم يحزنون) * إخبار منه تعالى بأنه ثمرة هذه الهداية، أو إبداع منه تعالى وراء ذلك، فبقوله: * (فلا خوف عليهم) * ينتفي جميع مراحل الخوف والحزن عنهم.
وقريب منه: * (قلنا اهبطوا منها جميعا) * فلا تكونوا من العاطلين، ولا يناسبكم بعد الأمر أن نأمر ثانيا وإن كان الامر من قبل الوسائط، فإنه تعالى قال: * (قلنا) * وكان آدم بعد عصيان النهي الأول وتمرده حسب المقام المناسب له، فإن حسنات الأبرار سيئات المقربين، كان بصدد عصيان الأمر الآخر، وهو الهبوط إلا أن ظهور الأمر في الفور مع جواز الاستتابة، محل منع عنده، فتكررت الآية.
* (فإما يأتينكم مني هدى) * ولا شق ثان له، كي يذكر بحذاء هذا الشق، لأن إتيان الهداية من ناحية الرب المتصدي لربوبية العالمين قطعي لاشك فيه إلا أن الإنسان لابد وأن ينظر إلى ما بين يديه، فإن يرى نفسه في