تفسير القرآن الكريم - السيد مصطفى الخميني - ج ٥ - الصفحة ٥٠٤
في الحياة، فتكون أنت وزوجك حرين في جنس الجنات الموجودة في العالم، فيكون لك حق الاختيار، وهو من حقوق البشر بحسب المسكن، * (وكلا) * من تلك الجنة، فإن المالك أذن لكم، فلكم الاختيار التام، لاحتياج الإنسان إلى الأكل في الحياة وإبقائها في هذه النشأة * (ولا تقربا) * ولا تتخذا المكان القريب من * (هذه الشجرة) * مخافة الاكل منها * (فتكونا من الظالمين) * كي يتبين أنكما من المتجاوزين المتعدين الغير السامعين للأمر والنهي.
وقريب منه: * (أسكن أنت وزوجك) * فيكون عليه نفقة الزوجة مسكنا في الجنة وكل أنت وزوجك، فعليه نفقتها أكلا * (ولا تقربا) * أي لاتقرب أنت وزوجك فإن الوفاء بالعهد وعدم تخلفها وظلمها على عهدته أيضا، فعلى آدم عهدة الزوجة في الجسم والروح والتنمية والتربية * (فتكونا من الظالمين) * فيكون آدم من الظالمين من جهتين: لتخلفه من ناحيته، ومن ناحية الوظيفة المقررة له وزوجته من ناحية واحدة، ولأجل هذه الثلاثة عبر بقوله: * (من الظالمين) * أي ظالما من جهات ثلاث. والله العالم.
وقريب منه: حيث إنه يجوز أن يأخذه الغرور والطغيان، ويتجاوز عما يليق به تجاوزا زائدا عما يتوقع عنه، وذلك لما في الآيات السابقة الشاملة لمقامه الشامخ، قال الله تعالى: * (وقلنا يا آدم أسكن أنت) * وتكليف شئ ضعيف على عهدتك، وهو * (زوجك الجنة) * في موضع فيه الخير الكثير في عدن، أو بين فارس وكرمان، أو بأرض فلسطين، أو كومرة بالشام، أو غير ذلك، وعلى كل مكان جامع لشرائط المعيشة، ومع أنه
(٥٠٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 499 500 501 502 503 504 505 506 507 508 509 ... » »»
الفهرست