العقلية، ومجرد القرب والذوق لا يكفي، كما أن مجرد البعد أيضا لا يمنع، فتكون داخلة في قاعدة معروفة: وهي كل ما قرع سمعك من عجائب الزمان وغرائب البلدان، فذره في بقعة الإمكان ما لم يذده قائم البرهان (1)، كما قال الحكيم السبزواري:
في مثل ذر في بقعة الإمكان * ما لم يذده قائم البرهان (2) وقد تحرر: أن المراد من هذا الإمكان ليس إلا مجرد الاحتمال، دون الإمكان الذاتي والوقوعي والاستعدادي، فإنها تحتاج إلى البرهان.
فعندما لا يمنع العقل عن تلك التطورات فسيوجد المتطور في العالم كثيرا، ضرورة إمكان اختلاف الاستعدادات طول الأزمنة، وباختلافها تختلف الصور والفيوضات، فإنها تابعة لتلك المعدات والإمكانات الاستعدادية، التي يحصل اختلافها باختلاف الشرائط، المستندة إلى تبادل الرياح والحرارات والرطوبات ومقارناتها.
ومما ذكرنا تبين: أن إبطال هذه النظرية المسماة بنظرية " النشوء والارتقاء "، مما لا يكاد يمكن بالبراهين الفسلفية، كما لا يمكن إثباتها بها.
وتوهم: أن تبدل الأنواع غير ممكن من الأباطيل، فإن ما هو الممتنع هو تبدل ماهية وصورة جوهرية إنسانية إلى صورة جوهرية حمارية، وأما الإنسان الجوهري فيجوز أن يتشكل بشكل الحمار، كما ثبت ذلك في البرازخ وغيرها، وأن حديث المسوخ لا يرجع إلى تبدل الصورة المتعصية الآبية إلى الصورة الأخرى، بل هي في الحقيقة من قبيل تبدل