ولو كان المراد من هذا المجعول معنى يشبه سائر المجاعيل الطبيعية، ويكون إسناده إليه تعالى كإسناد سائر المصورات والمواليد إليه تعالى، فلا يخص هذا الجعل بآدم، بل كل آدم وجميع بني آدم مجعول الله في الأرض ومخلوقه حسب القانون العام.
أقول: لا شبهة في أن الأرض من الحوادث في هذا العالم، وفي هذا الجو من النظام الشمسي والنظام الكلي، ولا شبهة في أنها أسبق وجودا على وجود هذا المجعول بالضرورة، وقد مرت عليها الأزمان والأحيان، وتصرمت الدهور وانقضت العصور، حتى وجد فيها موجود يسمى بالإنسان، وعلى هذا يتوجه الإشكال على جميع ذوي الشعور وأرباب الفهم وأصحاب العقول، ويتوجه السؤال عن كيفية حصوله.
وغير خفي: أن إرجاع حصوله إلى سائر الحيوانات، لا يورث حل المعضلة لنقل الكلام إلى الحيوان الأول، وسيمر عليك البحث حول هذا الجهة إن شاء الله تعالى.
وبالجملة: ما في هذه الآية من جعل الخليفة في الأرض، لا يلزم أن يكون متحدا مع ما في قوله تعالى في الآية الآتية: * (وعلم آدم الأسماء) *، لاحتمال كون المتعلم للأسماء من أولاد تلك الخليفة، وهو الظاهر كما مر، فالبحث عن تطورات آدم المتعلم وكيفية خلقته، غير البحث عن هذا المجعول في الأرض المسؤول عنه في سؤال الملائكة والمنسوب إليه الإفساد والسفك، فلا تخلط.
وبالأخرة تبين: أن هذه الآية ناظرة إلى كيفية وجود آدم الأول، وأنه لا يستند إلى آدم آخر، بل هو مستند إلى جعل الله تعالى، وهذا مما يشكل