صورة النطفة إلى العلقة... وهكذا إلى الصورة الأخيرة، وهكذا يجوز أن يتحرك القردة إلى الإنسان، لا بمعنى حركة مشخص خاص منها إليه، بل في طيلة الأزمان - لأجل تبادل الأحيان وتوارد الحدثان - يشرع النطف - حسب اختلاف الصور - يسيرا يسيرا إلى أن تصير قابلة لصورة متوسطة، وهكذا إلى أن تصير آدم الأول الكامل خلقة وخلقا ومنطقا وفهما.
كل ذلك لا يتجاوز حد الجواز والإمكان والتقريب والذوق والميول والحدسيات، ووقوع أمثال ذلك في النباتات بيد الإنسان، لا يكشف إلا عن الإمكان في الحيوانات بيد الموجود الآخر المشرف عليها الذي يسمى بالجان أو الملائكة أو النسناس أو غيرها، كل ذلك سمعيات ظنية، وإن الظن لا يغني عن الحق شيئا.
وسيمر عليك حديث امتناع تبدل الأنواع جوهريا عند قوله تعالى:
* (كونوا قردة وخنازير) * إن شاء الله تعالى بتفصيل، وما نحن فيه أجنبي عن تلك المسألة، ويشبه تبدل صور النطف والعلقة والمضغة إلى الإنسان، إلا أنه يشبهه في وجه، كما لا يخفى.
وغير خفي: أن مما يوجب استبعاد هذه المقالة عدم معهودية مثلها بعد ذلك، فإن التطور الجائز عام مكانا وزمانا، ولا ينحصر بآدم الأول، كما أن الأدلة القائمة الناهضة على قرب هذه المقالة، كلها حدسيات متخذة عن الحفريات، فإن ذلك لا ينافي اختلاف أفراد الإنسان اختلافا كثيرا وسيعا، لاختلاف المياه والأرياح وحرارة الشمس وغيرها، والاستبعادات التي اتخذ المتأخرون لإبطال هذه المقالة، غير صحيحة، لأنها مقالة ظنية لا تحتاج إلى الإبطال، ولا يلزم مما ذكروه امتناعه، ولا يلزم بعدها أحيانا، كما