الأخبار المتواترة والروايات المتعاضدة، مما لا يكون للعقل إليه سبيل، فيكفي لهم التنزيل المصدق عندهم، ولا يصدقهم غيرهم، لعدم الإذعان لكتبهم السماوية.
وربما يظهر من الفلاسفة الإسلاميين: أن الأنواع مخلوقات أصلية استقلالية، ولا يرجع أحد الأنواع إلى النوع الآخر، وقد مر أنه لا تنافي بين تلك المقالة ومقالة التطور، لإمكان كون التطور على وجه يستند الأنواع المختلفة إلى النوع الواحد، وأما حديث أرباب الأنواع وربات الطبائع النوعية، فهو يستدعي وجود الطبيعة في عالم المادة، وأما أنها في الأرض أو في موطن آخر، فهو أجنبي عن البحوث العقلية الصرفة. نعم إن الفلاسفة لمكان إذعانهم للهيئة الفاسدة البطلميوسية، ابتلوا بمشاكل مختلفة لا تنحل إلا بعد انحلال أصل المقالة، كما تحررنا منا في " قواعدنا الحكمية " في الفسلفة الإلهية.
والذي هو الأصوب في أفق القواعد العقلية والأقرب إلى مقتضيات البحوث العلمية - لولا قيام الأدلة الأخرى الآتية -: أن آدم الأول في الأرض مستند إلى آدم آخر إلا أنه لم يكن في الأرض، ويجوز أن يكون قادما من الكرات السماوية والسماوات السفلية والعلوية، لأجل تمدنهم وحضارتهم العالية... وهكذا. وقد أشرنا إلى جواز أزلية الأنواع، إلا أن أبدية الأنواع قطعية، إلا أن محيط المعاش وقطر الحياة يختلف فلكا وسماء وأرضا وفضاء... وهكذا.
وتوهم: أن العالم لم يكن ثم كان، فاسد، للزوم منع الفيض الغير المتناهي، فعالم المادة على الإجمال باق وأزلي، إلا أن ما هو الأبدي معنى