الحيوانات، ثم تبدلت الصغار في التطورات إلى الكبار، ولأجل اختلاف الأماكن الحاصل من اختلاف الأرياح، اختلفت الحيوانات الثواني والثوالث... إلى أن تشتت المواليد المتأخرة حتى استعدت المادة لحصول صورة آدم الأول، فيكون بأمر الله كل شئ من المبادئ والخواتم، ولا بأس باختلاف الأشياء على حد التباين في العصور المتأخرة، ولو كانت ترجع إلى الأصل الواحد، كما هو مقتضى البرهان، فإن القدرة والعلم والإرادة والحياة متباينات بحسب الآثار والتعاريف في لباس الكثرات، مع أن جميع هذه الأصول ترجع إلى أصل الوجود البسيط الواحد، حسب البراهين القطعية والأدلة النقلية المحررة في محله.
ولا برهان عقلي على امتناع هذا الاحتمال، كما لا برهان على أصالته وواقعيته.
وربما يؤيد إمكان ذلك التجربيات الكثيرة المشهودة في القديم والحديث، فإنه ربما يتولد الحيوان من اجتماع الشرائط الخاصة، من غير حاجة إلى التوالد والتناسل وإلى البذور والبيض، لكفاية الإمكانات الاستعدادية الحاصلة في المواد لنزول الصور من مصور الصور وخالقها، إلا أن ذلك لم يعهد في الحيوانات الكبار، وربما يوجب عدم معهودية ذلك في الكبار أن في الصغار أيضا، تكون البذور والنطف لازمة.
وعند ذلك لنا أن نقول: إن هذه المواد انتقلت من الكرات السماوية بالأسباب الخاصة، أو أرسلت من تلك السماويات بالأسباب الهادية، لأجل تمدنهم وحداثتهم وحضارتهم وتقدمهم، فربما كان آدم الأول - مثلا -