تكن في مقام بيان الإهمال والإجمال، لعدم لزوم اشتراك الكل في هذه المرحلة من الخلقة، وفي ترك الإتيان بالتنكير، بعد كون المتكلم عارفا بمصاديق النكرة، يلزم إفادة أن ملائكة خاصة، ليست مورد النظر في هذه المرحلة من البحث.
فعلى هذا يسقط الخلاف الشديد - المحكي عن جمع من السلف - في المراد من هذه الملائكة (1)، وأنه هل هي العموم، كما هو مختار طائفة منهم، غفلة عن الصناعة العلمية كابن حيان (2) وأشباهه، أم خصوص ملائكة كما عن بعضهم، وهي ملائكة الأرض وسكانها بعد الجان (3)؟ وهذا هو أمر غريب عن الأذهان، فإن الملائكة الساكنين في الأرض المجاورين فيها والمرتزقين منها محكومون بأحكامها من السفك والإفساد، وليس شأنهم التقديس والتسبيح، فهي طائفة من الملائكة المجردين عن المادة والمدة والخالين عن أحكام الدنيا والمزاحمات غير ساكنين ولا محدودين بحدودهما، نعم هي الملائكة المزاولون المتقدرون ذوو الكميات الخاصة والمحدودة وجودا، وهي الطائفة المتوسطة منهم المنتقلة في أجواء العالم والكرات الأرضية والسماوية، وهم بحسب الواقع في الخيال الكلي والنشأة البرزخية المشرفة على هذا العالم والعارفين بالحركات والسكنات والنقل والانتقالات، ويخطر ببالهم الأمور والأمثال والأسئلة والأنوار الخاصة،