تعالى: * (ونحن نسبح بحمدك) * في موضع النصب على الحالية، وإتيان الحال عقيب حال أخرى بعيد وغريب.
ويحتمل كون الواو ابتدائية أو عاطفة، أي قالوا: ونحن نسبح بحمدك ونقدس لك.
وقد مضى حكم اللام والباء في " بحمدك " و " لك ". ويجوز أن يكون كلمة لك متعلقة ب " نسبح " و " نقدس " أي نسبح بحمدك لك خالصا مخلصا بلا ريبة ولا سمعة ولا رجاء ثواب ولا خوف عقاب.
قوله تعالى: * (قال إني أعلم) * في حكم الجواب، من غير اعتراف بمقالتهم من أن تلك الخليفة تكون على تلك الخصوصيات، وأنتم صادقون في دعواكم وادعائكم من التسبيح والتقديس له، ويحتمل أن تكون كلمة " أعلم " أفعل التفضيل بيانا للفعل الكثير الحاصل بينه تعالى وبين الملائكة، ولكنه بعيد وإن كان موافقا لبعض مراتب الذوق.
ثم إن النحاة ذهبوا - حسب الظاهر - إلى أن مقول القول هو في محل النصب، لأنه المفعول به، فإن " قال " فعل وفاعله " الله تعالى " فلا يبقى إلا أن يكون مفعولا به.
وفيه: أن المفعول به لابد وأن يكون معنى تقديريا بالفعل أو راجعا إليه، بمعنى تأويله بالمصدر، والجملة لا تؤول في مقول القول بالمصدر، مع أن هذه الجملة هي ذات القول، فهي في محل البيان لجنس القول الصادر منه، ولا يكون له محل من الإعراب فعده من الجمل التي لها المحل خلاف التحقيق عندنا، فلاحظ وتدبر جيدا.