قوله (أين تذهب هذه) أي الشمس وا شارة للتعظيم (فإنها تذهب لتستأذن في السجود فيؤذن لها) أي في السجود قال ابن بطال استئذان الشمس معناه أن الله يخلق فيها حياة يوجد القول عندها لأن الله قادر على إحياء الجماد والموات وقال غيره يحتمل أن يكون الاستئذان أسند إليها مجازا والمراد من هو موكل بها من الملائكة قلت الظاهر هو الأول والله تعالى أعلم وفي رواية البخاري في بدء الخلق فإنها تذهب حتى تسجد تحت العرش فتستأذن فيؤذن لها قال القسطلاني أي في الطلوع من المشرق على عاداتها فيؤذن لها فتبدو من جهة المشرق قال الحافظ أما قوله تحت العرش فقيل هو حين محاذاتها ولا يخالف هذا قوله وجدها تغرب في عين حمئة فإن المراد بها نهاية مدرك البصر إليها حال الغروب وسجودها تحت العرش إنما هو بعد الغروب (وكأنها قد قيل لها اطلعي من حيث جئت فتطلع من مغربها) وفي رواية البخاري المذكورة ويوشك أن تسجد فلا يقبل منها وتستأذن فلا يؤذن لها يقال لها ارجعي من حيث جئت فتطلع من مغربها (قال ثم قرأ) عليه الصلاة والسلام (وذلك مستقر لها وقال) أي أبو ذر كما هو الظاهر (ذلك قراءة عبد الله بن مسعود) وفي رواية البخاري في بدء الخلق والتفسير فذلك قوله تعالى والشمس تجري لمستقر لها ذلك تقدير العزيز العليم وهذه القراءة هي المتواترة وفي رواية البخاري في التفسير قال مستقرها تحت العرش قال الحافظ في الحديث رد على من زعم أن المراد بمستقرها غاية ما تنتهي إليه في الارتفاع وذلك أطول يوم في السنة وقيل إلى منتهى أمرها عند انتهاء الدنيا قال الحافظ وظاهر الحديث أن المراد بالاستقرار وقوعه في كل يوم وليلة عند سجودها ومقابل الاستقرار المسير الدائم المعبر عنه بالجري انتهى وقال الطيبي بعد ذكر التأويلين المذكورين في كلام الحافظ ما لفظه وأما قوله مستقرها تحت العرش فلا ينكر أن يكون لها استقرار تحت العرش من حيث لا ندركه ولا نشاهده وإنما أخبر عن غيب فلا نكذبه ولا نكيفه لأن علمنا لا يحيط به انتهى كلام الطيبي وقال الشيخ في اللمعات قوله (والشمس تجري لمستقر لها) قد ذكر في التفاسير وجوه غير ما في هذا الحديث ولا شك أن ما وقع في الحديث المتفق عليه هو المعتبر والمعتمد والعجب من البيضاوي أنه ذكر وجوها في تفسيره ولم يذكر هذا الوجه ولعله أوقعه في ذلك تفلسفه نعوذ بالله من ذلك وفي كلام الطيبي أيضا ما يشعر بضيق الصدر نسأل الله العافية انتهى
(٣٤٩)