5 باب ما جاء كل مولود يولد على الفطرة قوله (كل مولود) قال القاري أي من الثقلين وقال الحافظ أي من بني ادم وصرح به جعفر بن ربيعة عن الأعرج عن أبي هريرة بلفظ كل بني ادم يولد على الفطرة وكذا رواه خالد الواسطي عن عبد الرحمن بن إسحاق عن أبي الزناد عن الأعرج ذكرها ابن عبد البر (يولد على الملة) وفي رواية الشيخين على الفطرة وقد اختلف السلف في المراد بالفطرة في هذا الحديث على أقوال كثيرة وحكى أبو عبيد أنه سأل محمد بن الحسن صاحب أبي حنيفة عن ذلك فقال كان هذا في أول الاسلام قبل أن تنزل الفرائض وقبل الأمر بالجهاد قال أبو عبيد كأنه عني أنه لو كان يولد عن الاسلام فمات قبل أن يهوده أبواه مثلا لم يرثاه والواقع في الحكم أنهما يرثانه فدل على تغير الحكم وقد تعقبه ابن عبد البر وغيره وسبب الاشتباه أنه حمله على أحكام الدنيا فلذلك ادعفيه النسخ والحق أنه إخبار من النبي صلى الله عليه وسلم بما وقع في نفس الأمر ولم يرد به إثبات أحكام الدنيا وأشهر الأقوال أن المراد بالفطرة الاسلام قال ابن عبد البر وهو المعروف عند عامة السلف وأجمع أهل العلم بالتأويل على أن المراد بقوله تعالى فطرة الله التي فطر الناس عليها الاسلام واحتجوا بقول أبي هريرة في اخر حديث الباب اقرأوا إن شئتم فطرة الله التي فطر الناس عليها وبحديث عياض بن حمار عن النبي صلى الله عليه وسلم فيما يرويه عن ربه إني خلقت عبادي حنفاء كلهم فاجتالتهم الشياطين عن دينهم الحديث وقد رواه غيره فزاد فيه حنفاء مسلمين فظهر من هذا كله أن المراد بالملة في هذه الرواية هي ملة الاسلام (فأبواه يهودانه) بتشديد الواو أي يعلمانه اليهودية ويجعلانه يهوديا والفاء إما للتعقيب وهو ظاهر وإما للتسبب أي إذا كان كذا فمن تغير كان بسبب أبويه غالبا (وينصرانه) بتشديد الصاد أي يعلمانه النصرانية ويجعلانه نصرانيا ( ويشركانه) بتشديد الراء أي يعلمانه الشرك ويجعلانه مشركا (فمن هلك قبل ذلك) أي قبل أن
(٢٨٧)