والعمل بمقتضاه ولعله أشار لقوله صلى الله عليه وسلم تركت فيكم ما إن تمسكتم به لم تضلوا كتاب الله وأما ما صح في مسلم وغيره أنه صلى الله عليه وسلم أوصى عند موته بثلاث لا يبقين بجزيرة العرب دينان وفي لفظ أخرجوا اليهود من جزيرة العرب وقوله أجيزوا الوفد بنحو ما كنت أجيزهم به ولم يذكر الراوي الثالثة وكذا ما ثبت في النسائي أنه صلى الله عليه وسلم كان اخر ما تكلم به الصلاة وما ملكت إيمانكم وغير ذلك من الأحاديث التي يمكن حصرها بالتتبع فالظاهر أن ابن أبي أوفى لم يرد نفيه ولعله اقتصر على الوصية بكتاب الله لكونه أعظم وأهم ولأن فيه تبيان كل شئ إما بطريق النصر وإما بطريق الاستنباط فإذا اتبع الناس ما في الكتاب عملوا بكل ما أمرهم النبي صلى الله عليه وسلم به لقوله تعالى وما اتاكم الرسول فخذوه الآية أو يكون لم يحضر شيئا من الوصايا المذكورة أو لم يستحضرها حال قوله والأولى أنه إنما أراد بالنفي الوصية بالخلافة أو بالمال وساغ إطلاق النفي أما في الأول فبقرينة الحال وأما في الثانية فلأنه المتبادر عرفا وقد صح عن ابن عباس أنه صلى الله عليه وسلم لم يوص أخرجه ابن أبي شيبة من طريق أرقم بن شرحبيل عنه مع أن ابن عباس هو الذي روى حديث أنه صلى الله عليه وسلم أوصى بثلاث والجمع بينهما على ما تقدم قوله (هذا حديث حسن صحيح) وأخرجه البخاري في الوصايا وفي المغازي وفي فضائل القران وأخرجه مسلم والنسائي وابن ماجة في الوصايا 5 باب ما جاء لا وصية لوارث قله (أخبرنا شرحبيل بن مسلم الخولاني) الشامي صدوق فيه لين من الثالثة قوله (قد أعطى كل ذي حق حقه) أي بين له حظه ونصيبه الذي فرض له (فلا وصية لوارث) قال الأمير اليماني في السبل الحديث دليل على منع الوصية للوارث وهو قول الجماهير من العلماء وذهب الهادي وجماعة إلى جوازها مستدلين بقوله تعالى كتب عليكم إذا حضر أحدكم الموت الآية قالوا ونسخ الوجوب لا ينافي الجواز قلنا نعم لو لم يرد هذا الحديث فإنه ينافي
(٢٥٨)