كيلا يؤذيهم بلسانه وفيه رخصة المداراة لدفع الضرر وقد جمع هذا الحديث كما قاله الخطابي علما وأدبا وليس قوله عليه السلام في أمته بالأمور التي يسهم بها ويضيفها إليهم من المكروه غيبة وإنما يكون ذلك من بعضهم في بعض بل الواجب عليه صلى الله عليه وسلم أن يبين ذلك ويفصح به ويعرف الناس أمورهم فإن ذلك من باب النصيحة والشفقة على الأمة ولكنه لما جبل عليه من الكرم وأعطيه من حسن الخلق أظهر له البشاشة ولم يجبه بالمكروه وليقتدي به أمته في اتقاء شر من هذا سبيله وفي مداراته ليسلموا من شره وغائلته وقال القرطبي فيه جواز غيبة المعلن بالفسق أو الفحش ونحو ذلك مع جواز مداراتهم اتقاء شرهم ما لم يؤد ذلك إلى المداهنة ثم قال تبعا للقاضي حسين والفرق بين المداراة والمداهنة أن المداراة بذل الدنيا لصلاح الدنيا أو الدين أو هما معا وهي مباحة وربما استحسنت والمداهنة بذل الدين لصلاح الدنيا انتهى وهذه فائدة جليلة ينبغي حفظها والمحافظة عليها فإن أكثر الناس عنها غافلون وبالفرق بينهما جاهلون قوله (هذا حديث حسن صحيح) وأخرجه الشيخان وغيرهما 60 باب ما جاء في الاقتصاد في الحب والبغض قوله (حدثنا سويد بن عمرو الكلبي) أبو الوليد الكوفي العابد من كبار العاشرة ثقة وأفحش ابن حبان القول فيه ولم يأت بدليل (عن حماد بن سلمة) ابن دينار البصري أبي سلمة ثقة عابد أثبت الناس في ثابت وتغير حفظه باخره من كبار الثامنة قوله (أراه) بضم الهمزة أي أظنه (أحبب حبيبك هونا ما) من باب الأفعال أي أحببه حبا قليلا فهو ما منصوب على المصدر صفة لما اشتق منه أحبب وقال في المجمع أي حبا مقتصدا لا إفراط فيه ولفظ ما للتقليل (عسى أن يكون بغيضيك يوما ما الخ) قال المناوي في شرح الجامع الصغير إذ ربما انقلب ذلك بتغير الزمان والأحوال بغضا فلا تكون قد أسرفت في حبه فتندم عليه إذا أبغضته أو حبا فلا تكون قد أسرفت في بغضه فتستحي منه إذا أحببته ولذلك قال الشاعر
(١١٣)