من الذين هادوا حرمنا عليهم طيبات أحلت لهم وإنما حرم على هذه الأمة ما حرم لخبثه وتحريمه لهم حمية لهم وصيانة عن تناوله فلا يناسب أن يطلب به الشفاء من الأسقام والعلل فإنه وإن أثر في إزالتها لكنه يعقب سقما أعظم منه في القلب بقوة الخبث الذي فيه فيكون المداوى به قد سعى في إزالة سقم البدن بسقم القلب وقد بسط ابن القيم الكلام ههنا بسطا حسنا من شاء الوقوف عليه فليراجع الهدى تنبيه قال العنبي في العمدة الاستشفاء بالحرام جائز عند التيقن بحصول الشفاء كتناول الميتة في المخمصة والخمر عند العطش وإساغة اللقمة وإنما لا يباح ما لا يستيقن حصول الشفاء به وقال إذا فرضنا أن أحدا عرف مرض شخص بقوة العلم وعرف أنه لا يزيله إلا تناول المحرم يباح له حينئذ أن بتناوله كما يباح شرب الخمر عند العطش الشديد وتناول الميتة عند المخمصة قلت دفع العطش وانحدار اللقمة بشرب الخمر متيقن وأما حصول الشفاء بالتداوي ولو بالحلال فليس بمتيقن فقياس التداوي بالحرام على شرب الخمر عند العطش الشديد وانحدار اللقمة فاسد الاعتبار قال الشيخ ابن العابدين في رد المحتار ما محصله إن إساغة اللقمة بالخمر ودفع العطش به متحقق النفع ولذلك من لم يسغ اللقمة ولم يدفع العطش عند وجود الخمر ومات يأثم بخلاف التداوي وإن كان بالحلال فإنه ليس بمتحقق النفع بل مظنون النفع ولذلك من ترك التداوي ومات لا يأثم انتهى وقال ابن العربي في عارضة الأحوذي فإن قيل التداوي حال ضرورة والضرورة تبيح المحظور فالتداوي بالحرام مباح قلنا التداوي ليس حال ضرورة وإنما الضرورة ما يخاف معه الموت من الجوع فأما التطبب في أصله فلا يجب فكيف يباح فيه الحرام انتهى محصلا قوله (هذا حديث حسن صحيح) وأخرجه أحمد ومسلم وأبو داود وابن ماجة 9 باب ما جاء في السعوط وغيره السعوط بفتح السين وضم العين المهملتين ما يجعل في الأنف مما يتداوى به قوله (حدثنا محمد بن مدويه) هو محمد بن أحمد بن مدوية بميم وتثقيل القرشي (أخبرنا
(١٦٩)