الوصول إليه بحيلة فلذلك صار البرهان به أظهر وقد أنكر ذلك بعضهم فقال لو وقع ذلك لم يجز أن يخفى أمره على عوام الناس لأنه أمر صدر عن حس ومشاهدة فالناس فيه شركاء والدواعي متوفرة على رؤية كل غريب ونقل ما لم يعهد فلو كان لذلك أصل لخلد في كتب أهل التسيير والتنجيم إذ لا يجوز إطباقهم على تركه وإغفاله مع جلالة شأنه ووضوح أمره والجواب عن ذلك أن هذه القصة خرجت عن بقية الأمور التي ذكروها لأنه شئ طلبه خاص من الناس فوقع ليلا لأن القمر لا سلطان له بالنهار ومن شأن الليل أن يكون أكثر الناس فيه نياما ومستكنين بالأبنية والبارز بالصحراء منهم إذا كان يقظان يحتمل أنه كان في ذلك الوقت مشغولا بما يلهيه من سمر وغيره ومن المستبعد أن يقصدوا إلى مراصد مركز القمر ناظرين إليه لا يغفلون عنه فقد يجوز أنه وقع ولم يشعر به أكثر الناس وإنما رآه من تصدى لرؤيته ممن اقترح وقوعه ولعل ذلك إنما كان في قدر اللحظة التي هي مدرك البصر وقال الحافظ ذهب بعض أهل العلم من القدماء أن المراد بقوله انشق القمر أي سينشق كما قال تعالى أتى أمر الله أي سيأتي والنكتة في ذلك إرادة المبالغة في تحقق وقوع ذلك فنزل منزلة الواقع والذي ذهب إليه الجمهور أصح كما جزم به ابن مسعود وحذيفة وغيرهما ويؤيده قوله تعالى بعد ذلك وإن يروا اية يعرضوا ويقولوا سحر مستمر فإن ذلك ظاهر في أن المراد بقوله (وانشق القمر) وقوع انشقاقه لأن الكفار لا يقولون ذلك يوم القيامة وإذا تبين أن قولهم ذلك إنما هو في الدنيا تبين وقوع الانشقاق وأنه المراد باية التي زعموا إنها سحر انتهى وقال الرازي في تفسيره الكبير بعد ما أثبت هذه المعجزة ما لفظه وأما المؤرخون تركوه لأن التواريخ في أكثر الأمر يستعملها المنجم وهو لما وقع الأمر قالوا بأنه مثل خسوف القمر وظهور شئ في الجو على شكل نصف القمر في موضع اخر فتركوا حكايته في تواريخهم والقران أدل دليل وأقوى مثبت له وإمكانه لا يشك فيه وقد أخبر عنه الصادق فيجب اعتقاد وقوعه وحديث امتناع الخرق والالتئام حديث اللئام وقد ثبت جواز الخرق والتخريب على السماوات وذكرناه مرارا فلا نعيده انتهى 21 باب ما جاء في الخسف قوله (عن فرات القزاز) هو فرات بن أبي عبد الرحمن القزاز الكوفي ثقة من الخامسة (عن حذيفة بن أسيد) بفتح الهمزة وكسر السين الغفاري صحابي من أصحاب الشجرة وكنيته
(٣٤٣)