المخاطب خطابا عاما (أخاك) أي المسلم (بما يكره) أي بما لو سمعه لكرهه قال النووي اعلم أن الغيبة من أقبح القبائح وأكثرها انتشارا في الناس حتى لا يسلم منها إلا القليل من الناس وذكرك أخاك بما يكره عام سواء كان في بدنه أو دينه أو دنياه أو نفسه أو خلقه أو ماله أو ولده أو والده أو زوجه أو خادمه أو ثوبه أو مشيه وحركته وبشاشته وعبوسته وطلاقته أو غير ذلك مما يتعلق به سواء ذكرته بلفظك أو كتابك أو رمزت أو أشرت إليه بعينك أو يدك أو رأسك ونحو ذلك وضابطه أن كل ما أفهمت به غيرك نقصان مسلم فهو غيبة محرمة ومن ذلك المحاكاة بأن يمشي متعرجا أو مطأطأ أو على غير ذلك من الهيئات مريد حكاية هيئة من ينقصه بذلك (قال أرأيت) أي أخبرني (إن كان فيه) أي في الأخ (ما أقول) من المنقصة والمعنى أيكون حينئذ ذكره بها أيضا غيبة كما هو المتبادر من عموم ذكره بما يكره (قال إن كان فيه ما تقول) أي من العيب (فقد اغتبته) أي لا معنى للغيبة إلا هذا وهو أن تكون المنقصة فيه (وإن لم يكن فيه ما تقول فقد بهته) بفتح الهاء المخففة وتشديد التاء على الخطاب أي قلت عليه البهتان وهو كذب عظيم يبهت فيه من يقال في حقه قوله (وفي الباب عن أبي برزة وابن عمر وعبد الله بن عمرو) وأما حديث أبي برزة فأخرجه أحمد في مسنده ص 124 ج 4 وأما حديث ابن عمر فأخرجه أبو داود والطبراني والحاكم وقال صحيح الاسناد كذا في الترغيب وأما حديث عبد الله بن عمرو فأخرجه الأصبهاني قال المنذري بإسناد حسن من طريق عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده أنهم ذكروا عند رسول الله صلى الله عليه وسلم رجلا فقالوا لا يأكل حتى يطعم ولا يرحل حتى يرحل له فقال النبي صلى الله عليه وسلم اغتبتموه فقالوا يا رسول الله إنما حدثنا بما فيه قال حسبك إذا ذكرت أخاك بما فيه 24 باب ما جاء في الحسد وهو تمني الشخص زوال النعمة عن مستحق لها أعم من أن يسعى في ذلك أولا فإن
(٥٤)