لأنهم كانوا حينئذ معظم من أسلم والمراد بالشر ما وقع بعده من قتل عثمان ثم توالت الفتن حتى صارت العرب بين الأمم كالقصعة بين الأكلة كما وقع في الحديث الاخر يوشك أن تداعي عليكم الأمم كما تداعي الأكلة على قصعتها وإن المخاطب بذلك العرب قال القرطبي ويحتمل أن يكون المراد بالشر ما أشار إليه في حديث أم سلمة ماذا أنزل الليلة من الفتن وماذا أنزل من الخزائن فأشار بذلك إلى الفتوح التي فتحت بعده فكثرت الأموال في أيديهم فوقع التنافس الذي جر الفتن وكذلك التنافس على الامرة فإن معظم ما أنكروه على عثمان تولية أقاربه من بني أمية وغيرهم حتى أفضى ذلك إلى قتله وترتب على قتله من القتال بين المسلمين ما اشتهر واستمر (قد اقترب) أي قرب ذلك الشر في غاية القرب بيانه قوله (فتح اليوم من ردم يأجوج ومأجوج) المراد بالردم السد الذي بناه ذو القرنين بزبر الحديد وهي القطعة منه (مثل هذه) بالرفع على أنه نائب الفاعل لقوله فتح وا شارة إلى الحلقة المبينة بقوله (وعقد عشرا) وعقد العشرة أن يجعل طرف السبابة اليمنى في باطن طي عقدة الابهام العليا والمراد أنه لم يكن في ذلك الردم ثقبة إلى اليوم وقد انفتحت فيه إذ انفتاحها من علامات قرب الساعة فإذا اتسعت خرجوا وذلك بعد خروج الدجال كما تقدم (أفنهلك) بضم النون وفتح اللام من الاهلاك أو بفتح النون وكسر اللام من الهلاك (وفينا الصالحون) قال القاري أي أنعذب فنهلك نحن معشر الأمة والحال أن بعضنا مؤمنون وفينا الطيبون الطاهرون ويمكن أن يكون هذا من باب الاكتفاء على تقدير الاستغناء أي وفينا الصالحون ومنا القاسطون انتهى (قال نعم) أي يهلك الطيب أيضا (إذا كثر الخبث) بفتح المعجمة والموحدة ثم مثلثة فسروه بالزنا وبأولاد الزنا وبالفسق والفجور وهو أولى لأنه قابله بالصلاح والمقصود أن النار إذا وقعت في موضع واشتد ت أكلت الرطب واليابس وغلبت على الطاهر والنجس ولا تفرق بين المؤمن والمنافق والمخالف والموافق قوله (هذا حديث حسن صحيح) وأخرجه البخاري ومسلم والنسائي وابن ماجة قوله (جود سفيان هذا الحديث) أي بذكر النسوة الأربع المذكورة في الاسناد وقد أطال الحافظ الكلام في هذا المقام في الفتح في باب قول النبي صلى الله عليه وسلم ويل للعرب من شر قد اقترب من
(٣٥٢)