لا يرفعها الله ولا يقبلها فكأنها لم تتجاوز حلوقهم وقيل المعنى أنهم لا يعملون بالقران ولا يثابون على قراءته فلا يحصل لهم غير القراءة انتهى (يقولون من قول خير البرية) قال الحافظ أي من القران وكانت أول كلمة خرجوا بها قولهم لا حكم إلا لله وانتزعوها من القران وحملوها غير محملها (يمرقون من الدين) إن كان المراد به الاسلام فهو حجة لمن يكفر الخوارج ويحتمل أن يكون المراد بالدين الطاعة فلا يكون فيه حجة وإليه جنح الخطابي (كما يمرق السهم من الرمية) بوزن فعيلة بمعنى مفعولة وهو الصيد المرمي شبه مروقهم من الدين بالسهم الذي يصيب الصيد فيدخل فيه ويخرج منه ومن شدة سرعة خروجه لقوة الرامي لا يعلق من جسد الصيد شئ قال الجزري في النهاية أي يجوزونه ويخرقونه ويتعدونه كما يخرق السهم الشئ المرمي به ويخرج منه انتهى قوله (وفي الباب عن علي وأبي سعيد وأبي ذر) أما حديث علي فأخرجه البخاري في باب علامات النبوة وغيره ومسلم في الزكاة وأبو داود في السنة والنسائي في فضائل القران وابن ماجة في السنة وأما حديث أبي سعيد فأخرجه البخاري أيضا في علامات النبوة وغيره ومسلم في الزكاة وأبو داود في السنة والنسائي في المحاربة وأما حديث أبي ذر فأخرجه أحمد في مسنده ومسلم في الزكاة (وقد روى في غير هذا الحديث) كحديث علي وأبي سعيد وغيرهما (إنما هم الخوارج) جمع خارجة وهم قوم مبتدعون سموا بذلك لخروجهم عن الدين وخروجهم على خيار المسلمين وقد أطال الحافظ الكلام في بيان معتقدهم وحالهم في الفتح في باب قتل الخوارج والملحدين (الحرورية) قال الحافظ في شرح قول عائشة أحرورية أنت ما لفظه الحروري منسوب إلى حروراء بفتح الحاء وضم الراء المهملتين وبعد الواو الساكنة راء أيضا بلدة على ميلين من الكوفة والأشهر أيها بالمد قال المبرد النسبة إليها حروراوي وكذا كل ما كان في اخره ألف تأنيث ممدودة ولكن قيل الحروري بحذف الزوائد ويقال لمن يعتقد مذهب الخوارج حروري لأن أول فرقة منهم خرجوا على علي بالبلدة المذكورة فاشتهروا بالنسبة إليها وهم فرق كثيرة لكن من أصولهم المتفق عليها بينهم الأخذ بما دل عليه القران ورد ما زاد عليه من الحديث مطلقا
(٣٥٤)