لبيد العطاردي بعض شرطه فمروا به على مسجد سماك، فقام إليه نعيم بن دجاجة الأسدي فحال بينهم وبينه، فأرسل أمير المؤمنين عليه السلام إلى نعيم فجئ به، قال: فرفع أمير المؤمنين عليه السلام شيئا ليضربه، فقال نعيم: والله إن صحبتك لذل، وإن خلافك لكفر، فقال أمير المؤمنين عليه السلام: وتعلم ذلك؟ قال: نعم، قال: خلوه (1).
11 - وكتب عليه السلام إلى بعض عماله: (أما بعد، فإني كنت أشركتك في أمانتي، وجعلتك شعاري وبطانتي، ولم يكن رجل من أهلي أوثق منك في نفسي لمواساتي ومؤازرتي، وأداء الأمانة إلي. فلما رأيت الزمان على ابن عمك قد كلب، والعدو قد حرب، وأمانة الناس قد خزيت، وهذه الأمة قد فنكت و شغرت قلبت لابن عمك ظهر المجن، ففارقته مع المفارقين، وخذلته مع الخاذلين، وخنته مع الخائنين! فلا ابن عمك آسيت، ولا الأمانة أديت، وكأنك لم تكن الله تريد بجهادك، وكأنك لم تكن على بينة من ربك، وكأنك إنما كنت تكيد هذه الأمة عن دنياهم، وتنوي غرنهم عن فيئهم، فلما أمكنتك الشدة في خيانة الأمة أسرعت الكرة، وعاجلت الوثبة، واختطفت ما قدرت عليه من أموالهم المصونة لأراملهم وأيتامهم اختطاف الذئب الأزل دامية المعزى الكسيرة، فحملته إلى الحجاز رحيب الصدر بحمله غير متأثم من أخذه، كأنك - لا أبا لغيرك - حدرت إلى أهلك تراثا من أبيك وأمك! فسبحان الله! أما تؤمن بالمعاد؟ أو ما تخاف نقاش الحساب؟
أيها المعدود! كان عندنا من ذوي الألباب كيف تسيغ شرابا وطعاما وأنت تعلم أنك تأكل حراما وتشرب حراما؟ وتبتاع الإماء، وتنكح النساء من مال اليتامى والمساكين والمؤمنين والمجاهدين الذين أفاء الله عليهم هذه الأموال، و أحرز بهم هذه البلاد، فاتق الله واردد إلى هؤلاء القوم أموالهم، فإنك إن لم تفعل