النهدي، فدخل عليه فقال: يا أمير المؤمنين ما كنا نرى أن أهل المعصية والطاعة و أهل الفرقة والجماعة عند ولاة العدل ومعادن الفضل سيان في الجزاء حتى رأيناها ما كان من صنيعك بأخي الحارث، فأو غرت صدورنا، وشتت أمورنا، و حملتنا على الجادة التي كنا نرى أن سبيل من ركبها النار.
فقال علي عليه السلام: (وإنها لكبيرة إلا على الخاشعين (1) يا أخا نهد! وهل هو إلا رجل من المسلمين انتهك حرمة من حرم الله فأقمنا عليه حدا كان كفارته؟ إن الله تعالى يقول: (ولا يجرمنكم شنآن قوم على ألا تعدلوا إعدلوا هو أقرب للتقوى (2).
قال: فخرج طارق من عنده فلقيه الأشتر فقال: يا طارق! أنت القائل لأمير المؤمنين: (أو غرت صدورنا، وشتت أمورنا)؟ قال طارق: نعم، أنا قائلها، قال:
والله، ما ذاك كما قلت، إن صدورنا له لسامعة، وإن أمورنا له لجامعة. فغضب طارق وقال: ستعلم يا أشتر! أنه غير ما قلت، فلما جنه الليل همس هو والنجاشي إلى معاوية، فلما قدما عليه دخل اذنه فأخبره بقدومهما، وعنده وجوه أهل الشام منهم عمرو بن مرة الجهني وعمرو بن صيفي وغيرهما، فلما دخلا نظر معاوية إلى طارق وقال: مرحبا بالمورق غصنه، والمعرق أصله، المسود غير المسود من رجل كانت منه هفوة ونبوة باتباعه صاحب الفتنة، ورأس الضلالة والشبهة، الذي اغترز في ركاب الفتنة حتى استوى على رجلها، ثم أوجف في عشوة ظلمتها وتيه ضلالتها، واتبعه رجرجة من الناس، وأشابة من الحثالة لا أفئدة لهم، (أفلا يتدبرون القرآن