يا أمير المؤمنين، وعليها برد زبيدي كثيف الحاشية وهي على جمل أرمك وقد أحيط حولها، وبيدها سوط منتشر الضفر، وهي كالفحل يهدر في شقشقة تقول:
(يا أيها الناس اتقوا ربكم إن زلزلة الساعة شئ عظيم (1)، إن الله قد أوضح الحق، و أبان الدليل، ونور السبيل، ورفع العلم، فلم يدعكم في عمياء مبهمة، ولا سوداء مدلهمة، فإلى أين تريدون رحمكم الله؟ أفرارا من الزحف؟ أم رغبة عن الإسلام؟
أم ارتدادا عن الحق؟ أما سمعتم الله عز وجل يقول: (ولنبلونكم حتى نعلم المجاهدين منكم والصابرين ونبلوا أخباركم (2).
ثم رفعت رأسها إلى السماء وهي تقول: اللهم قد عيل الصبر، وضعف اليقين، وانتشرت الرغبة، وبيدك يا رب أزمة القلوب، فاجمع الكلمة على التقوى، وألف القلوب على الهدى، ورد الحق إلى أهله، هلموا - رحمكم الله - إلى الأمام العادل، و الوصي الوفي، والصديق الأكبر، إنها إحن بدرية، وأحقاد جاهلية، وضغائن أحدية، وثب بها معاوية حين الغفلة ليدرك ثارت بني عبد شمس...
فإلى أن تريدون - رحمكم الله - عن ابن عم رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، وزوج ابنته، وأبي ابنيه، خلق من طينته، وتضرع من نبعته، وخصه بسره، وجعله باب مدينته، وأعلم بحبه المسلمين، وأبان ببغضه المنافقين، فلم يزل يؤيده الله بمعونته، ويمضي على سنن استقامته، لا يعرج لراحة اللذات، وهو مفلق الهام، ومكسر الأصنام، إذ صلى والناس مشركون، وأطاع والناس مرتابون فلم يزل كذلك حتى قتل مبارزي بدر، وأفنى أهل أحد، وفرق جمع هوازن، فيالها وقايع زرعت في قلوب قوم نفاقا وردة وشقاقا؟ وقد اجتهدت في القول وبالغت في النصحية، وبالله التوفيق، و عليكم السلام ورحمة الله وبركاته (3).