وفي موضع حين خرج من المسجد فمر بصيرة فيها نحو من ثلاثين شاة، فقال:
(والله، لو أن لي رجالا ينصحون لله عز وجل ولرسوله بعدد هذه الشياه لأزلت ابن آكلة الذبان عن ملكه قال: فلما أمسى بايعه ثلاثمائة وستون رجلا على الموت، فقال لهم أمير المؤمنين عليه السلام: اغدوا بنا إلى أحجار الزيت محلقين، وحلق أمير المؤمنين عليه السلام، فما وافى من القوم محلقا إلا أبو ذر والمقداد وحذيفة بن اليمان وعمار بن ياسر، وجاء سلمان في آخر القوم، فع يده إلى السماء، فقال: اللهم إن القوم استضعفوني كما استضعفت بنو إسرائيل هارون، اللهم فإنك تعلم ما نخفي و ما نعلن وما يخفى عليك شئ في الأرض ولا في السماء، توفني مسلما وألحقني بالصالحين. أما والبيت والمفضي إلى البيت (والمزدلفة - نسخة) والخفاف إلى التجمير، لولا عهد عهده إلي النبي الأمي صلى الله عليه وآله وسلم لأوردت المخالفين خليج المنية و لأرسلت عليهم شآبيب صواعق الموت، وعن قليل سيعلمون (1).
أقول: الصيرة: حظيرة تتخذ من الحجارة وأغصان الشجرة للغنم والبقر. و الذبان - بالكسر والتشديد -: جمع ذباب، وكنى ابن بابن آكلتها عن سلطان الوقت، فإنهم كانوا في الجاهلية يأكلون من كل خبيث نالوه. وأحجار الزيت موضع داخل المدينة، والمفضي إلى البيت: ماسه بيده، والخفاف: سرعة الحركة، ولعل المراد بالتجمير رمي الجمار، والخليج: النهر، وشآبيب: جمع شؤبوب - بالضم مهموزا - وهو الدفعة من المطر، كما في هامش الروضة.
ومنها قولهم: (لو كان حين بويع له بالخلافة في المدينة أقر معاوية على الشام إلى أن يستقر الأمر له ويتوطد ويبايعه معاوية وأهل الشام، ثم يعزله بعد ذلك لكان قد كفي ما جرى بينهما من الحرب).
والجواب:... أن قرائن الأحوال حينئذ كان قد علم أمير المؤمنين عليه السلام منها أن