معاوية لا يبايع له وإن أقره على ولاية الشام، بل كان إقراره له على إمرة الشام أقوى لحال معاوية وآكد في الامتناع من البيعة، ليمكن أن يقولوا: لولا أنه أهل لذلك لما اعتمده علي عليه السلام معه...).
ومنها قولهم: (إنه ترك الطلحة والزبير حتى خرجا إلى مكة، وأذن لهما في العمرة، وذهب عنه الرأي في ارتباطهما قبله...).
والجواب:... ومن قال: إنهما استأذناه في العمرة وأذن لهما فقد روي أنه قال: والله ما تريدان العمرة وإنما تريدان الغدرة، وخوفهما بالله من التسرع إلى الفتنة، وما كان يجوز له في الشرع ولا في السياسة أن يجلسهما، أما في الشرع فلأنه محظور أن يعاقب الإنسان بما لم يفعل، وعلى ما يظن به ويجوز أن لا يقع. و أما في السياسة فلأنه لو أظهر التهمة لهما وهما من أفاضل السابقين وجلة المهاجرين لكان في ذلك من التنفير ما لا يخفى...).
ومنها قولهم: (هلا إذا ملك شريعة الفرات على معاوية - بعد أن كان معاوية ملكها عليه ومنعه وأهل العراق - منع معاوية وأهل الشام منها، فكان يأخذهم قبضا بالأيدي؟ فإنه لم يصبر على منعهم عن الماء بل فسح لهم في الورود، وهذا يخالف ما يقتضيه تدبير الحرب).
والجواب أنه عليه السلام لم يكن يستحل ما استحله معاوية من تعذيب البشر بالعطش، فإن الله تعالى ما أمر في أحد من العصاة الذين أباح دماءهم بذلك و لا فسح فيه في نحو القصاص، أو حد الزاني المحصن، أو قتل قاطع الطريق، أو قتال البغاة والخوارج، وما كان أمير المؤمنين ممن يترك حكم الله وشريعته ويعتمد ما هو محرم فيها لأجل الغلبة والقهر والظفر بالعدو، ولذلك لم يكن يستحل البيات (1) ولا الغدر ولا النكث.