سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله يقول: الكوفة جمجمة العرب ورمح الله تبارك وتعالى وكنز الايمان فخذ عنهم أخبرك رسول الله صلى الله عليه وآله انه مكث بمكة يوما وليلة بذي طوى، ثم خرج وخرجت معه فمررنا برفقة جلوس يتغدون، فقالوا:
يا رسول الله الغداء، فقال لهم: أفرجوا لنبيكم فجلس بين رجلين وجلست وتناول رغيفا فصدع نصفه، ثم نظر إلى آدمهم، فقال: ما آدمكم؟ قالوا الجري يا رسول الله فرمى بالكسرة من يده وقام. قال أبو سعيد: وتخلفت بعده لأنظر ما رأي الناس فاختلف فيما بينهم، فقالت طائفة حرم رسول الله صلى الله عليه وآله الجري وقالت طائفة لم يحرمه ولكن عافه ولو كان حرمه نهانا عن اكله، قال: فحفظت مقالة القوم وتبعث رسول الله صلى الله عليه وآله حتى لحقته، ثم غشينا رفقة أخرى يتغدون فقالوا:
يا رسول الله الغداء، فقال: نعم أفرجوا لنبيكم فجلس بين رجلين وجلست فلما تناول كسرة نظر إلى آدمهم فقال: ما آدمكم هذا؟ قالوا: ضب يا رسول الله فرمى الكسرة وقام. قال أبو سعيد: فتخلفت بعده فإذا بالناس فرقتان قالت فرقة حرم رسول الله الضب فمن هناك لم يأكله وقالت فرقة أخرى: إنما عافه ولو حرمه لنهانا عنه، ثم قال تبعت رسول الله صلى الله عليه وآله حتى لحقته، فمررنا بأصل الصفا وفيها قدور تغلي، فقالوا:
يا رسول الله لو تكرمت علينا حتى تدرك قدورنا، قال لهم: ما في قدوركم؟ قالوا حمر لنا نركبها فقامت فذبحناها، فدنا رسول الله صلى الله عليه وآله من القدور فأكفاها برجله ثم انطلق جوادا وتخلفت بعده، فقال بعضهم: حرم رسول الله صلى الله عليه وآله لحم الحمير وقال بعضهم: كلام إنما أفرغ قدوركم حتى لا تعودوه فتذبحوا دوابكم، قال أبو سعيد: فتبعت رسول الله صلى الله عليه وآله فقال يا أبا سعيد داع بلالا، فلما جاءه بلال قال: يا بلال اصعد أبا قبيس فناد عليه أن رسول الله صلى الله عليه وآله حرم الجري والضب والحمر الأهلية ألا فاتقوا الله ولا تأكلوا من السمك إلا ما كان له قشر ومع القشر فلوس ان الله تبارك وتعالى مسخ سبعمائة أمة عصوا الأوصياء بعد الرسل، فاخذ أربعمائة أمة منهم برا وثلاثمائة أمة منهم بحرا، ثم تلا هذه الآية: