ولكن الظاهر أن الغاء دماء الجاهلية كان بدليل خاص، وناشيا من علة أخرى وهو انه صلى الله عليه وآله لو أراد الاخذ بدماء الجاهلية والقصاص عنها لظهر فساد كبير ولم يستقر حجر على حجر لابتلاء كثير منهم بدماء الجاهلية فكان مأمورا من عند الله بترك التعرض لها.
وكذا الكلام بالنسبة إلى الدماء التي أراقوها في الغزوات الاسلامية عند محاربة الاسلام مع الكفر، فلو ان كافرا حضر في بدر واحد، وقتل من المسلمين ما قتل، ثم أسلم فلم يكن يقتص منه، ولم نسمع ان رسول الله صلى الله عليه وآله اقتص من أحد منهم، بل المعروف من قصة وحشي وانه عفا عنه بعد اسلامه، ان الظاهر أن قاعدة الجب يشمل جميع هذه.
اما لو لم يكن القتل جاهليا ولا دينيا بل كان قضية خاصة بين كافر وغيره ثم أسلم فحينئذ يشكل اسقاط القصاص أو الدية منه بالاسلام إذا كان هذا ثابتا في مذهبه السابق.
وأظهر من هذا الأحكام المتعلقة بالعقود والايقاعات والعقود والنذور والديون المالية، والاتلافات، بل وجميع الضمانات، فلا ترتفع بالاسلام قطعا، فلو ان كافرا غصب مال أحد ثم أسلم، أو عقد على امرأة ثم أسلم، أو ابتاع شيئا من غيره ثم أسلم، أو استدان دينا كذلك، فلا اشكال في بقاء هذه الأمور على حالها، والاسلام لا يجبه ولا يقطعه مما سبق بالنسبة إلى هذه الأمور.
قال بعض المحققين: " ان الحقوق المالية القابلة للتأمل أو المنع عن كونها مشمولة للنص إنما هي الحقوق الثابتة عليه لا بشرع الاسلام، كرد الأمانات والديون المستقرة في ذمته، والا فقد أشرنا ان الخمس والزكاة والكفارات ونظائرها من الحقوق المالية الناشئة من التكاليف المقررة في دين الاسلام، من أظهر موارد