والعجب من استدلال جماعة من أعاظم الأصحاب بهاتين الروايتين كما يظهر من " مفتاح الكرامة " و " جامع الشتات " للمحقق القمي و " غيرهما " مع أن الظاهر أنه لامساس لهما بما نحن بصدده، لعدم ورود هذا التعبير " ان التلف ممن لا خيار له " أو ما يشبهه في متن الروايتين بل الحكم فيهما في ضمان المشتري للدار إنما هو من باب القاعدة فإن الملك ملكه فكما ان الغلة له، التلف أيضا عليه، سواء كان للبايع خيار أم لا، ولحن الحديثين دليل على ما ذكرناه، فإنه استدل على ملكية المشتري للغلة، بكون تلف العين أيضا من ملكه ومآلهما إلى شئ واحد وهو كون المتاع ملكا للمشتري بعد البيع من غير تأثير لوجود خيار البايع بعده.
ولو استدل بهما على قاعدة الخراج بالضمان كان أولى من الاستدلال بهما لما نحن بصدده وإن كان قد عرفت عدم دلالتها عليها أيضا.
وبالجملة ليس فيهما ما يستشم منه كون ضمان المشتري باعتبار وجود الخيار للبايع، ومن الواضح ان مجرد وجود هذه الخصوصية في المورد لا يمكن أن يكون دليلا على الطلوب، وقد مر بعض الكلام في ذلك في قاعدة الخراج بالضمان.
* * * الاستدلال عليها بحكم العقل واقتضاء الأصل وقد يستدل على القاعدة بحكم العقل وموافقتها للأصل بما حاصله:
ان من له الخيار يقدر على الفسخ في كل زمان، ومع الفسخ تنتقل العين إلى ملك مالكه الأول، فيكون التلف من ملكه قهرا، فبهذا الاعتبار لابد ان يحسب تلف العين على المالك الأول وهو من لا خيار له، فيكون التلف من ملكه.
ولكنه ضعيف جدا لا ينبغي التفوه به، لأنه مبني على حكم فرضي، وهو انه لو فرض اقدام صاحب الخيار على الفسخ لكان التلف من ملك المالك الأول، ولكن من المعلوم انه فرض غير واقع، فإنه لم يفسخ، ولم يرد العين إلى مالكه الأول، بل