أنكر إذا كان بينهما خلطة "!
وفيه ان هذا حديث شاذ، مخالف لما رواه المحدثون من الخاصة والعامة في كتبهم، وقد عرفت ايراد الحديث بطرق متواترة أو كالمتواتر ليس في شئ منها هذا القيد، ولو كان لبان، وظهر ظهورا تاما لكثرة الابتلاء به.
واستدلوا أيضا بأنه لولا هذا الشرط لاجترأ السفهاء على ذوي المروات فادعوا عليهم بدعاوي فاضحات فإن أجابوا افتضحوا، وان صالحوا على مال ذهب مالهم.
وهذا أضعف من سابقه فإنه معارض بأنه لو اشترط الخلطة لضاعت حقوق كثيرة لأنه كثيرا ما تكون الحقوق في غير ذوي لخلطة.
هذا، مضافا إلى ما نرى في الخارج من العمل بالروايات المعروفة مع عدم وجود ما ذكره من المحذور، ولو فرض وقوع ذلك نادرا لا يكون مانعا عن الاخذ بالقواعد الكلية، فكم من قاعدة كلية يرد عليها في مثل هذه النقوض في موارد جزئية.
وبالجملة هذا الشرط ضعيف في الغاية، ولذا التجأ بعضهم بالاستثناء من اعتبار الخلطة مواضع مثل الصانع والمتهم بالسرقة، والوديعة، والعارية، وغير ذلك.
* * * 4 - هل المدار في المدعي والمنكر مصب الدعوى أو نتيجتها وغايتها؟
وقلما وقع البحث عنه في كلماتهم مع أنه من الأمور المبتلى بها في القضاء، وله أمثلة كثيرة منها ما إذا تنازعا في أن العقد الواقع منهما كان بيعا أو هبة، فالمالك للمثمن يدعي كونه هبة، وغرضه امكان الرجوع فيه، لأن الهبة جائزة، والاخذ يدعي كونه بيعا حتى يكون لازما.
فإن كان الملاك هو مصب الدعوى فلا شك انه من قبيل التداعي لأن كل واحد منهما يدعي أمرا مخالفا للأصل فكل منها مدع لأمر ومنكر لما يدعيه الاخر