منها ما رواه العلاء ابن فضيل عن أبي عبد الله عليه السلام انه سئل عن رجل يسير على طريق من طرق المسلمين على دابته فتصيب برجلها، قال: ليس عليه ما أصابت برجلها، وعليه ما أصابت بيدها، وإذا وقف فعليه ما أصابت بيدها ورجلها، وإن كان يسوقها فعليه ما أصابت بيدها ورجلها أيضا (1).
وهذه الرواية وأشباهها أقوى شاهد على أن أصل ايجاب الاتلاف للضمان كان أمرا مفروغا عنه عندهم، وإنما كان السؤال والجواب يدوران حول بيان مصداق الاتلاف، ولذا بين الإمام عليه السلام ان السائر على الطريق لابد ان يراعي يدي دابته حتى لا تصيب بيديها، فلو أتلف بيديها شيئا فعلى راكبها، لأنه المتلف بالتسبيب واما لو أصاب برجليها فالعهدة على من لم يلاحظ ذلك، ولكن إذا كانت الدابة متوقفة، أو إذا كان صاحبها خلفها يسوقها فعليه ما أصابت بيدها ورجلها، لصدق التسبيب عليه في ذلك، فلو لم يكن أصل الضمان بالاتلاف أمرا مفروغا عنه لم يقع السؤال عن خصوصيات أسبابه ومصاديقه.
وفي هذه الرواية أيضا دلالة على عدم الفرق بين العمد والخطأ وبين المباشرة والتسبيب.
ومنها: ما رواه الحلبي عن أبي عبد الله عليه السلام انه سئل عن الرجل يمر على طريق من طرق المسلمين فتصيب دابته انسانا برجلها فقال ليس عليه، ما أصابت برجلها ولكن عليه ما أصابت بيدها، لأن رجليها خلفه ان ركب، فإن كان قاد بها فإنه يملك بإذن الله يدها يضعها حيث يشاء (2).
وفي هذه الرواية من التعليل ما يبين المقصود، وأيضا ذيلها الوارد في مورد القيادة التي يكون صاحب الدابة فيها مقدما عليها شاهد على المقصود.