الرابع: هل للحيازة حد؟
يظهر من بعض الاعلام الاحتياط في كونها محدودا بما لا يوجب الضيق والضرر حيث قال في بحث حيازة المعادن الظاهرة ما لفظه: " ليس له على الأحوط ان يحوز مقدارا يوجب الضيق والمضارة على الناس ".
والانصاف انه كذلك بل هو الأقوى، لعدم عموم في الأدلة الدالة على حصول الملك بالحيازة بعد كونها منصرفة إلى ما هو المتداول بين الناس، بل إذا كان هناك أناس كثيرون محتاجين إلى شئ وكان الموجود منه قليلا في صقع كالحطب والحشيش المحتاج إليهما لايقاد النار، فإذا ذهب واحد وأخذ جميعها مما لا يحتاج إليه فعلا وادخرها لنفسه للسنين المستقبلة أو لا يحتاج إليها في المستقبل أيضا وادخرها لأمور أخر، مع حاجة الناس إليها عد ظالما معتديا، وغاصبا لحقوق غيره، ومنع من هذا العمل أشد المنع وقد خلق الله ما في الأرض لحاجة العباد كلهم.
وهكذا بالنسبة إلى المياه والصيد والمعادن والأرضون الموات وغيرها.
لا أقول إن كل انسان يأخذ حاجته فقط، فإن ذلك مخالف اطلاق الفتاوى والنصوص والسيرة المستمرة في جميع الأعصار، بل أقول يأخذ ما هو المتعارف أخذه لحاجته وللتوسعة أو الاكتساب، اما ما زاد على ذلك مما لا يتداول من العقلاء مما لا يجوز حيازته.
هذا كله مع قطع النظر عن الحكومة الشرعية الثابتة للإمام عليه السلام أو من يقوم مقامه، واما بالنظر إليها فقد يجوز له تعيين مقدار ما يحوزه كل انسان أو زمانها أو مكانها أو غير ذلك مما يراه مصلحة للمسلمين وقواما لأمورهم وحافظا لنظامهم، بحيث يختل بدونه نظم أمورهم ولكن ليس له الاستبداد في ذلك بغير مراعاة المصالح وحفظ النظام.