الخامس: تعارض شخصين في السبق إلى شئ إذا تعارض اثنان وردا على شئ من المنافع المشتركة في زمان واحد وتوافيا إليه على حد سواء، فإن أمكن اجتماعهما فيه كدكة في سوق عام يحتملهما، فحق السبق ثابت لهما.
وان لم يحتملهما كمكان واحد لمصل واحد ورد اثنان عليه، فهل يبطل حقهما ويجوز لثالث الورود عليه، أو تجرى فيه القرعة؟
الظاهر أنه لا مجال لابطال حقهما لشمول العمومات لكل واحد منهما مع قطع النظر عن مزاحمه، وحيث إن ملاك السبق في كليهما موجود يكون من قبيل تزاحم الحقين لا تعارض الدليلين وحيث إن المفروض عدم امكان الجمع بينهما لابد من القرعة لأنها لكل أمر مشتبه، ولاخفاء في شمول أدلتها للمقام.
وقد ذكرنا في مباحث القرعة من هذا الكتاب، ان موارد القرعة مختلفة، فقد يكون فيها واقع مجهول لا طريق لكشفه الا القرعة، كما في الغنم الموطوء، وقد لا يكون فيه واقع مجهول، بل وقع التزاحم بين مقتضيين، ولا طريق إلى التخلص الا بالقرعة، كما في موارد افراز الأموال المشاعة، وتقسيمها، وكلاهما داخلان تحت أدلة القرعة والمقام من هذا القبيل.
* * * السادس: موارد جريان القاعدة وإذ قد عرفت ما ذكرنا فلنرجع إلى جزئيات موارد السبق وأحكامها الخاصة فنقول ومن الله التوفيق: ان السبق قد يكون إلى المسجد، وأخرى إلى الطريق أو إلى السوق، أو المدارس، والقناطر، والمعادن، وأماكن النزهة، والميادين لتوقف السيارات وغيرها أو غير ذلك.