ولكن الجرأة على هذا الحكم مع اطلاق الرويات والفتاوى، وعدم تعرض أحد من الأصحاب فيما رأينا للتفصيل مشكل جدا وإن كان الحكم بالاطلاق أيضا لا يخلو عن اشكال، والمسألة تحتاج إلى مزيد تأمل وتحقيق والله الهادي إلى سواء الطريق.
* * * الثالث: لا فرق بين ضمان العين والمنافع سواء كان مستوفاة أو غير مستوفاة.
اما المنافع المستوفاة فالمعروف بينهم ضمانها ولا ينبغي الشك فيها، فلو غصب دارا وسكنها فعليه اجرة مثل منافعه التي استوفاها أو غصب دابة فركبها.
ويدل على ذلك جميع ما دل على ضمان نفس العين، بل المنافع داخلة في قوله " على اليد ما اخذت " فإن الاخذ صادق بالنسبة إلى المنافع أيضا ولو بتبع اخذ العين، كما أن التسليم للمنافع في باب الإجارة إنما هو بتسليم العين المستأجرة، وتوهم ان قوله " حتى تؤديه " لا يشملها باطل لأن أداء المنافع إنما هو بأداء العين.
وكذلك قاعدة احترام مال المسلم شاملة لها لأن المنافع المستوفاة أيضا من الأموال.
وهكذا لا فرق في السيرة العقلائية بين العين والمنفعة.
أضف إلى ذلك كله وقوع التصريح به في بعض نصوص الباب كما في صحيحة أبي ولاد عن الصادق عليه السلام فإنه ذكر في جواب أبي ولاد الحناط الذي اكترى بغلا ثم جاوز به عن الشرط، فذهب به من الكوفة إلى النيل، ومن النيل إلى بغداد، ومن بغداد إلى الكوفة، فقال: " أرى له عليك مثل كراء بغل ذاهبا من الكوفة إلى النيل ومثل كراء بغل راكبا من النيل إلى بغداد، ومثل كراء بغل من بغداد إلى الكوفة، توفيه إياه " (1).
ومثله ما ورد عنه عليه السلام بطرق عديدة في نفس ذاك الباب (2).