" ملاك حجية خبر الواحد " بقي هنا شئ: وهو انه بناءا على حجية خبر الواحد في الموضوعات هل يعتبر فيها " العدالة " أو يكفي " الوثوق " فقط؟ كما هو المختار عندنا وعند جل المعاصرين، أو كلهم، في حجية خبر الواحد في الأحكام.
الظاهر أنه يتفاوت الحال بتفاوت الأدلة في المسألة، فإن كان الدليل هو آية النبأ فظاهرها اعتبار العدالة لأنه المقابل للفسق.
وإن كان الدليل هو الأخبار الخاصة الواردة في الأبواب المختلفة فمقتضاها متفاوت، ففي بعضها اعتبار العدالة مثل ما ورد عن أمير المؤمنين عليه السلام إذا رأيتم الهلال فافطروا أو شهد عليه عدل من المسلمين (1).
ولكن وقع التصريح بالوثاقة في كثير من رواياتها كما يظهر بالدقة فيما مر عليك من أدلة المسألة، والجمع بينهما ممكن بحمل العدالة على الوثاقة.
وهكذا ما ورد من التعبير بالصداقة في قوله " فأتاني رجل مسلم صادق " فيما ورد في أبواب الوصية فإنه راجع إلى الوثاقة، والمتحصل من جميعها اعتبار الوثوق، وحينئذ يمكن الجمع بينها وبين مفهوم آية النبأ بحمل العدالة فيهما أيضا على الوثاقة ويؤيده ما ورد من التعليل في الآية بقوله تعالى: " ان تصيبوا قوما بجهالة فتصبحوا على ما فعلتم نادمين " فإن الإصابة بالجهالة، أو حصول الندامة إنما هو من آثار عدم الوثوق، لا الفسق فيما لا يرتبط بالاخبار، فإذا كان انسان متحرزا عن الكذب يمكن الوثوق بقوله، دخل في مفهوم الآية، ولا يكون العمل بقوله معرضا للندامة.
واظهر من الجميع إذا كان الدليل بناء العقلاء انه لاشك ان بنائهم على الاعتماد بخبر الثقة، من دون ملاحظة العدالة فيما لا يرتبط بالاخبار، فإذا لا يبقى شك في كفاية