منهما مستقلا فنقول ومن الله التوفيق والهداية:
استدلوا لأصل القاعدة بأمور كثيرة متفرقة في كلماتهم وحاصلها ما يلي:
1 - " الاجماع " المدعى في كلمات غير واحد منهم.
2 - " سيرة العقلاء " وبناء طريقهم على الضمان في العقود الفاسدة، إذا كان صحيحا موجبا للضمان، كالبيع والإجارة الفاسدتين، وكذا عقد النكاح والمضاربة، بل الجعالة أيضا، فمن أنكر الضمان في هذه المقامات ينكرون عليه، وحيث إن الظاهر أن هذه السيرة تستمر إلى زمن الشارع، بل وما قبله، ولم يردع عنه فهي حجة معتبرة.
3 - " قاعدة على اليد " فإن المقبوض بالعقد الفاسد إذا تلف في يد القابض فهو ضامن له بمقتضى هذه القاعدة، المستفادة من النصوص الكثيرة العامة والخاصة الواردة في أبواب مختلفة، والقول بعدم شمولها للمنافع فلا يشمل الإجارة الفاسدة فهو ممنوع، لأن المنافع - مثل منافع الدار وغيرها - تجري عليها اليد بتبع جريانها على العين، فمن استولى على الدار استولى على منافعه، فلو تلف المنافع وهي في يده تكون قاعدة على اليد حجة عليه، ولذا يكون قبض المنافع في باب الإجارة بقبض العين، نعم قاعدة على اليد لا تشمل اعمال المسلم، فإنها ليست عينا ولا منفعة على المشهور، فلو كان الدليل على القاعدة، قاعدة اليد لم يمكن الاستناد إليها في أبواب المضاربة الفاسدة والمزارعة والمساقاة وشبهها.
4 - " قاعدة لا ضرر " فإن عدم ضمان المشتري بالعقد الفاسد لتلف العين يعد ضررا عظيما فيندرج تحت قاعدة لا ضرر، الا انه يأتي فيه الاشكال المعروف بان قاعدة لا ضرر لا يثبت حكما بل ينفي الأحكام الضررية، وحيث إن المراد هنا الاستدلال بها لاثبات حكم الضمان يشكل الاخذ بها، ولكن قد ذكرنا في محله نفي الجد عن كون قاعدة لا ضرر مثبتا للأحكام التي لولاها يلزم منها الضرر، وتفصيل القول فيه