جميعا.
فتحصل من جميع ما ذكرنا انه لا ينبغي التأمل في كون القاعدة مجمعا عليها بين فقهاء الفريقين، لاستنادهم إليها في كثير من المباحث المتخلفة، ارسالا له ارسال المسلمات من غير رد ولا انكار، وما أوردناه هنا من أقوالهم شطر من كلماتهم المشتملة على الحديث بعنوانه، والا فما ذكروه بغير هذا العنوان مما يعطى معناه أكثر واظهر.
* * * 4 - دليل العقل وبناء العقلاء هذه القاعدة قاعدة عقلائية قبل أن تكون شرعية، ولم يزل بناء العقلاء عليها من قديم الزمان إلى عصرنا هذا، ولا فرق فيها بين أرباب الملل الإلهية وغيرهم، حتى أن من أنكرها بلفظه لا ينكرها في عمله، وان الذين ادعوا الغائها بالمرة في كتبهم وفي مدارسهم لم يوفقوا له في العمل، وكلهم يرون ان للانسان التصرف في ملكه بما يراه، الا ما منعه الشرع أو نهى عنه القوانين المعتبرة عندهم، ولا يشك في هذا أحد منهم، ومن أنكره فإنما ينكره باللسان وقلبه مطمئن بالايمان.
بل يمكن ان يقال إنها من القواعد الفطرية قبل أن تكون عقلائية فإن ما عند العقلاء من القوانين لها أصولا وجذورا في أعماق فطرياتهم ما لم ينحرف عنها بأمور قسرية.
كما أن أحكام الشرع أيضا تنطبق على الفطريات، فيطابق " التشريع " " التكوين "، ولابد ان يتطابق، لأن كل واحد منهما من صنع الله، ولا يضار صنعه صنعه، وما ترى في خلق الرحمن من تفاوت.