ومن هنا يظهر ان " اجماع الفقهاء على ذلك قديما وحديثا " لا يكشف عن تعبد خاص في المسألة، وصل إليهم ولم يصل إلينا، بل هو اما مستند إلى ما عرفت من روايات الباب، العامة والخاصة، أو إلى بناء العقلاء الذي أمضاه الشرع، فإنه لم يزل بمرآه ومنظره، بل قد عرفت ان هذا البناء منهم كان قبل ورود الشرع أيضا.
* * * " بقي هنا أمور " الأول: الفرق بين قاعدة " السبق "، و " الحيازة " و " الاحياء " قد يختلط الامر بين قاعدة السبق، وقاعدتي الحيازة والاحياء على بعض، مع أن مواردها مختلفة لا ربط لواحد منها بالآخر فنقول:
اما قاعدة الحيازة تختص بالمباحات، وتوجب ملكها بمجرد الحيازة مع قصده، ولا يحتاج إلى الاحياء والتحجير وغيرها، وإن كان قد تطلق الحيازة على الأعم مما يشمل قاعدة الاحياء أيضا كما عرفت سابقا.
واما الاحياء فهو أيضا يوجب الملك لكن لا بمجرد القصد، بل بعد الاحياء وتختص بالأرض وما أشبهها.
واما قاعدة السبق فهي لا توجب الملك، بل مفادها هو الأولوية، وموردها أعم من المباحات الأصلية أو المنافع العامة كالمدارس والخانات والمساجد والشوارع وغيرها.
فتحصل من جميع ذلك أن قاعدتي الحيازة والاحياء لا تغنيان عن قاعدة السبق شيئا لأن مفادها متباينة، وبين مواردها ومصاديقها العموم والخصوص من وجه أو المطلق.
ففي مثل المساجد والشوارع والقناطر لا تجري قاعدتا الحيازة والاحياء، ولكن