الرجل من مجلسه ثم يجلس فيه (1).
وليس ذلك الا لسبقه إلى ذاك المكان.
ويؤيد ما ذكرنا ما ورد في أبواب احياء الموات، والتحجير، وغير ذلك مما يكون من قبيل السبق إلى ما لم يسبق إليه أحد، فإنها وان لم يدل على المطلوب فإن الكلام في قاعدة السبق إنما هو من جهة ايجاد الحق، بمجرد السبق من دون حاجة إلى التحجير والاحياء، واخراج المعدن وحفر البئر وغير ذلك من أشباهه، الا انها مؤكدة له.
* * * الثاني: هو السيرة المستمرة من أهل الشرع بل من العقلاء أجمع، فإنه لا يشك أحد في بنائهم على كون السابق إلى شئ من المباحات أحق من غيره سواء كان من المباحات الأصلية، أو من المنافع العامة، كالانتفاع بالمساجد والبراري والمفاوض والجبال والمياه، إذا لم يقصد ملكيتها، بل أراد الانتفاع بها، فلا يشك أحد في كون السابق أحق، وإذا زاحمه غيره يعد ظلما وتعديا قبيحا.
بل المعلوم استقرار سيرتهم على هذا حتى قبل ورود الشرع.
ومما يؤيد كونها قاعدة عقلائية قبل أن تكون شرعية انها مشهورة معروفة بين من لا يعتقد بشئ من المذاهب، ولم يقبل أي قانون ديني الهي، فهو أيضا يرى السبق إلى شئ من المباحات أو المنافع العامة، من الطرق والقناطر والخانات وغيرها، موجبا لاستحقاق صاحبه، وعدم جواز مزاحمته، ولكن لها حدود وقيود عندهم سيأتي الإشارة إليها إن شاء الله.