بالاعتبار والانشاء والقصد، ومن الواضح ان قوامها بها إنما هو في حدوثها، فإذا تحقق الانشاء والاعتبار، وجد العقد بخصوصياته في عالم الاعتبار، فكان له وجود اعتباري في هذا الوعاء، كوجود الأشياء الخارجية بعد تحققها.
ولكن بينهما فرق ظاهر فإن الأشياء في عالم التكوين كما تحتاج إلى خالقها وباريها حدوثا، تحتاج إليها بقاءا، على ما هو التحقيق في محله من حاجة الممكن إلى الواجب في جميع شراشر وجوده، وفي جميع عمره، لأنها بذاتها وجودات ربطية ومتدليات بذاته تعالى، فلو انقطع فيض الوجود فيها آنا ما انعدمت بأجمعها، ولكن الأمور الاعتبارية إذا حدثت من ناحية المتعاقدين غير محتاجة إليهما في بقائها، بل لو قصدا الخلاف بقاءا لم يؤثر شيئا الا في موارد لهما حق الفسخ والخيار.
وان شئت قلت حدوثها بيد المتعاقدين وبقائها إنما هو باعتبار العقلاء، فإنهم يعتبرون بقائها وان قصدا المتعاقدان خلافه. وهذا أيضا مما لا يحتاج إلى مزيد بحث.
* * * الثالث - تبعية العقود للقصود إنما هو في مقام الثبوت لا الاثبات مقتضى ما عرفت من الدليل في هذا الباب ان التبعية إنما هي تبعية ثبوتية، لأن تقوم العقد بالقصد والاعتبار إنما هو بحسب نفس الامر والواقع، واما لو ادعى البايع أو المشتري أو غيرهما انه قصد كذا وكذا لا يقبل منهما الا ما وافق ظاهر اللفظ، فلو كان ظاهر اللفظ أو صريحه، أو مقتضى اطلاقه بمقدمات الحكمة، أو ما ينصرف إليه شيئا، وادعى أحدهما غيره، لا يقبل منه، لأن طريق الوصول إلى القصود في مقام الاثبات إنما هو ظواهر الألفاظ المعتبرة عند أهل العرف والعقلاء، التي أمضاها الشرع، فمن ادعى خلافها فعليه الاثبات وإقامة الدليل، ولو لم يأت بشئ يؤخذ بظاهر لفظه، ويكون حجة عليه شرعا، فالطريق الوحيد للوصول إلى المقاصد عند وقوع