الرابع: لو تلف المال وكان مثليا وجب مثله كما أنه لو كان قيميا وجب قيمة.
وهذا الحكم هو المشهور بين فقهائنا حتى ادعي الاجماع عليه.
والعمدة فيه ان الواجب على الغاصب أداء العين، فإذا لم يمكن أداء العين فالواجب عليه الأقرب فالأقرب، ومن الواضح ان المثل في المثلى أقرب إلى العين من كل شئ، لاشتماله على مالية العين مع كثير من أوصافه، فمهما أمكن التدارك بالمثل كان واجبا، وهذا هو المستفاد من قوله " على اليد ما اخذت حتى تؤديه ".
وكذلك هذا هو مقتضى قاعدة احترام مال المسلم - إلى غير ذلك من الأدلة التي مرت عليك -.
نعم إذا لم يوجد له مثل أو كان متعسرا لم يجب عليه الا أداء ماليته، لأنه الأقرب إليه من كل شئ، والظاهر أن هذا هو الذي جرت عليه سيرة العقلاء الممضاة من قبل الشارع المقدس.
هذا ولكن المهم تعيين ضابطة الفرق بين المثلي والقيمي، ولهم هنا تعاريف كثيرة لا يهمنا بيان جميعها والبحث عما يرد عليها.
والحق ان يقال: انه لم يرد هذان العنوانان في لسان دليل شرعي، عدا ما يتوهم من دلالة قوله تعالى " فمن اعتدى عليكم فاعتدوا عليه بمثل ما اعتدى عليكم " (1) ولكن الظاهر أن الآية أجنبية عن المقام، بل هي ناظرة إلى مسألة القتال في الأشهر الحرم، والى قصاص النفس، ولذا عبر فيها بالتعدي في الجانبين، ومن الواضح ان مسألة الضمان بالتلف ليس من هذا القبيل، ويظهر ما ذكرنا لمن راجعها ولاحظ ما قبلها وما بعدها من الآيات.
وكذا لم يرد في معقد اجماع وان ادعاه شيخنا العلامة الأنصاري في مكاسبه، ولو سلمنا الاجماع على ذلك فالظاهر أنه ليس اجماعا تعبديا بل هو مأخوذ من بناء العقلاء