والجواب أولا: بأن هذه التكاليف لا تتعلق إلا بالعالم بصدورها، وأما الجاهل الصرف فهو غير مكلف بذلك، لأنه مما لم يعلم.
وثانيا: نمنع شموله لمثل هذا الفرض، إذ المتبادر من العلم في أمثال هذه المقامات هو العلم العادي الذي تطمئن به النفس، ومن حصل له هذا الاطمئنان من أبيه أو من معلمه فلا ينصرف إليه هذه الإطلاقات، ويعد مثل ذلك عالما بأحكامه عرفا.
وثالثا: غاية ما ثبت من ذلك وجوب الرجوع إلى المجتهد لغير المجتهد، وأما كون ذلك شرطا بحيث تبطل العبادة بدونه وإن فهم العامي حكم الله باعتقاده وأتى به على طبق الواقع، فلم يثبت من هذه الأدلة.
وثالثها: ما دل على النهي عن الاتباع بما وراء العلم، مثل قوله تعالى: ولا تقف ما ليس لك به علم (1) ونحوه، فإنها ناهية عن غير العلم، وما نحن فيه منه، فيكون فاسدا.
والجواب: بأن هذا التكليف لا يتعلق إلا على العالم به (2) ولو إجمالا، والحكم الوضعي - وهو الفساد - تابع للنهي، فيكون كمن أتى بالصلاة جاهلا بأن المكان غصبي، فيرتفع الحكم الوضعي بزوال متبوعه. وبأن كون هذا الفرض داخلا في الآية ممنوع، والوجه قد تقدم.
ورابعها: ما ورد في الروايات من (3) أنه لا عمل إلا بالفقه والمعرفة وبالعلم وبإصابة السنة، ولا عمل إلا بدلالة ولي الله (4) ونظائر ذلك. وظاهر هذه إنما هو الشرطية ومقتضا ها البطلان