وإذا بنينا في ذلك على الصحة، فنقول: إما أن يصدر منهم هذا العمل ولا يلتفتون إلى الطريق إلى حصول الموت، فالحكم ما ذكرناه: من سقوط القضاء والعقاب وحصول الامتثال والثواب.
وإذا عرض عليهم الالتفات والتنبه وحدث لهم التزلزل في اعتبار الطريق، فيجب عليهم تحصيل الاجتهاد أو التقليد بالنسبة إلى الأعمال اللاحقة، لزوال الاطمئنان.
وإنما الكلام في طريق معرفتهم لكيفية الأعمال السابقة أنها هل كانت مطابقة للواقع حتى يدخل في البحث السابق، أولا حتى يدخل فيما سيأتي من حكم المخالف للواقع؟
فنقول: يعلم ذلك بالاجتهاد أو التقليد المعتبرين، أو العلم القطعي لو انفتح بابه، فهنا ثلاث صور:
أحدها (1): أنهم بعد ما يحصلون الطريق المعتبر من اجتهاد أو تقليد أو علم قطعي يجدون ما عملوا سابقا مطابقا لذلك، وهذا قد ظهر حكمه من عدم لزوم القضاء، وما ذكرناه سابقا كان حكم المسألة بنفسها، وهذا التقسيم إنما هو بالنسبة إلى نفس العاملين.
وثانيها: أنهم يجدونه - أعمالهم السابقة - مخالفا (2) لما فهموه الان من الطريق المعتبر، وهذا هو القسم الآتي الذي نذكر حكمه فيمن اعتقد المطابقة وكان مخالفا للواقع.
وثالثها: أنهم يشكون في أنه هل كان مطابقا لهذا أم لا؟ والمراد بالشك هنا أعم من الظن، إذ هو معناه لغة وبعبارة أخرى: لا يعلمون الموافقة ولا المخالفة من جهة نسيانهم كيفية ما عملوا سابقا بمضي الزمان.