الاختياري، ولا ينتقل منه إلى بدله إلا مع تعذر الاختياري، ولما كان الواجب موسعا يصح إيقاعه في أي جزء من أجزاء زمن التوسيع كان، والمكلف قابل لأن يكون في هذه الانات مختارا ومعذورا، فما لم يستوعب العذر جميع أجزاء الوقت فلا يصدق: أن الاختياري متعذر، حتى ينتقل منه إلى بدله. وذلك في العرف واضح، فلو قال المولى لعبده: (ائتني بماء النهر غدا في أي وقت من أوقات النهار شئت، وإن لم تجد ماء النهر فأت بماء البئر) ولا ريب أن هذا العبد إذا أصبح ولم يجد ماء النهر فأتى بماء البئر معتذرا بأن البدل متعذر لذمه العقلاء، معللين بأنه لم يتعين عليك الإتيان في هذا الوقت حتى تنتقل إلى بدله بالتعذر فيه، فلعلك تتمكن منه في أثناء النهار فتأتي به.
وبالجملة: كما أن التكليف المتعلق بالكلي لا يسقط إلا بتعذر جميع أفراده - لأن مع القدرة على فرد واحد يكون الكلي مقدورا فلا وجه للسقوط - فكذلك الواجب الموسع، فإنه ينحل إلى التخيير في أجزاء الوقت، ويصير للمأمور به باعتبار وقوعه في أجزاء الوقت الموسع أفراد اعتبارية ينزل منزلة الأفراد للكلي الطبيعي، فلا يصدق التعذر إلا مع استيعاب العذر للزمان كله حتى لا يتمكن من الأفراد المفروضة مطلقا، ولا يعلم هذا التعذر إلا بالصبر إلى آخر أوقات الإمكان، فإن بقي العذر أتى ببدله، وإن زال أتى بأصل المأمور به.
وثانيهما: الروايات الواردة في باب التيمم الدالة على لزوم التأخير مثل قوله عليه السلام: (ليس للمتيمم أن يتيمم إلى أن يضيق الوقت) أو (عليه أن يطلب الماء ما دام في الوقت) (1) ونظائر ذلك، فإن النصوص في ذلك خمسة أو ستة: بين دالة بالطلب، وبين دالة على الصبر مطلقا (2) فإذا وجب في المتيمم ذلك لزم في غيره