أيضا بعدم وضوح الفرق بينه وبين غيره.
والجواب عن الأول يظهر مما قررناه في تضاعيف أدلة الأكثرين.
وتوضيحه: أن هذا الكلام إنما ينفع لو لم يتعلق خطاب بالبدل، بمعنى: إن (1) تعلق الخطاب بالمأمور به موسعا فلا ريب في عدم سقوطه ما لم يستوعب العذر جميع الوقت، وأما إذا تعلق خطاب بالبدل فلا يخلو: إما أن يكون خطابا عقليا ناشئا من قبح تكليف ما لا يطاق، أو خطابا شرعيا.
فإن كان خطابا عقليا فالظاهر جواز الإتيان بالبدل مع التعذر، لكن لا يفيد الأجزاء، فلو اتفق أنه ظهر زوال العذر مع بقاء الوقت وجب الإتيان بأصل المأمور به، وهذا معنى قولنا: إن الأمر العقلي لا يقتضي الأجزاء.
وأما الخطاب الشرعي: فإن كان مقيدا بما دام بقاء العذر أو قضية مهملة لا يظهر منها سوى الإتيان بالبدل مع بقاء المعذورية - وبعبارة أخرى: ليس فيه إطلاق يشمل حالة زوال العذر - فهذا الأمر كالأمر العقلي في عدم اقتضائه الأجزاء. وإن كان فيه إطلاق يشمل صورة بقاء العذر وزواله، فظاهر هذا الأمر إفادة الأجزاء وإن زال العذر.
وهذه الأوامر المفروضة في أصحاب الأعذار كلها أوامر شرعية مطلقة مفيدة للأجزاء، وبهذا سميناها أبدالا للمأمور به، فإذا أتى المكلف في جزء من أجزاء الوقت بالبدل فظاهر الأمر الأجزاء، وهذا هو المراد من جواز التأخير والتقديم المعبر عنه بالتخيير.
والفرق بين أفراد الكلي المخير فيه وأجزاء الواجب الموسع اجتماع أفراد الكلي في وقت واحد، فإذا تمكن المكلف من الإتيان بفرد منه فقد تمكن من الكلي، فلا يصدق التعذر، بخلاف الموسع، فإن بتعذر المأمور به في بعض أجزاء الوقت يصدق أنه متعذر في هذا الحال، فيجئ الخطاب بالبدل، ونظير ذلك في