إجماعهم على عدم اللزوم في المعذور مطلقا، فإذا جاز وثبت التخيير في بعض الأعذار فلا نعقل فرقا بينه وبين غيره، لاتحاد الدليل والوجه في التوسعة في الجميع.
ولأنا نرى سيرة العلماء والعوام (1) في الأعصار والأمصار على أن أصحاب الأعذار لا ينظرون زوال عذرهم، بل يبادرون إلى الصلوات على ما هم عليه من جبيرة ومرض وقعود وعدم استقرار ونحو ذلك، وهذا كاشف عن كون السلف كذلك، فيكشف عن طريقة أهل زمن الشارع، فيكشف عن تقريره ورضائه بذلك، لأنه بعد عموم بلواه ليس مما يخفى على صاحب الشريعة وخلفائه في المدة الطويلة.
ولأن التأخير لو كان لازما لاشتهر وتواتر في الأخبار والفتاوى، لعموم البلوى بالأعذار، وتوفر الدواعي إلى السؤال عنه ونقله، مع أنا لم نجد في النصوص - على كثرتها في باب الأعذار - ما يدل على ذلك، سوى أربع روايات أو خمس في باب التيمم (2) مع وجود معارض لها أيضا. وأفتى بالتأخير هناك (3) مطلقا أو على التفصيل - مشهور الأصحاب. وقد قوينا في طهارة (الحياض) - شرحنا على النافع - لزوم التأخير في المتيمم مطلقا، للنصوص المنجبرة المعتضدة بمؤيدات اخر، كما سنذكره عن قريب.
وهذا الباب العظيم لا يكتفى فيه بمجرد هذه الروايات، ولم نجد من الفقهاء من يفتي بلزوم التأخير إلا المرتضى رحمه الله وسلار وابن الجنيد (4) على ما نقل نهم، مع أن العيان غير النقل، ولم يحضرني عبائرهم وكتبهم حتى يعلم أنهم قائلون به