بالمعسور (1).
وثالثها: عنه عليه السلام أيضا: ما لا يدرك كله لا يترك كله (2).
إذا عرفت هذا، فاعلم: أنه لا إشكال في لزوم الإتيان بالمقدور في القسم الأول، إذ الواجبات أمور مستقلة غير مرتبطة، وتعذر أحدها يوجب سقوط الخطاب عنها، ومقتضى الاستصحاب بقاء الوجوب في المقدور، ولا شبهة في جريانه في هذا المقام عند من قال بحجيته، مضافا إلى أن ذلك مقتضى إطلاق الخطاب، فإن الأوامر تدل على مطلوبية المأمور به سواء تعذر غيره أو أمكن، مع أن هذا القسم محل وفاق، بل محل ضرورة لا يشك فيه مشكك.
ولكن الرواية الأولى غير شاملة له، إذ الظاهر من تنكير كلمة (شئ) وقرينة قوله: (منه) إرادة البعض من المأمور به الواحد المركب - كما سيفصل - والمقام ليس منه.
فإن قلت: عموم ما دل على الإطاعة يشمل الكل، فيكون كل هذه الأمور بعضا من الإطاعة أو فردا منها، فيندرج تحت الرواية بذلك الوجه.
قلت أولا: إن المراد من ملاحظة الأوامر الخاصة أنفسها، لا من حيث الأمر العام، وفرق بين المقامين.
وثانيا: أن معنى الإطاعة: الاتيان بالمطلوب، فدخول ذلك الخاص تحت العام فرع كونه مأمورا به.
وبعبارة أخرى: إذا تعذر أحد الأمور المطلوبة، فإن كان الباقي لازم الإتيان - إما لأصل أو إجماع أو إطلاق أو قاعدة جارية في الخصوصية - فيصير الإتيان بالبقية إطاعة جزءا أو فردا، فيأتي فيه عموم دليل الإطاعة وقاعدة الميسور أيضا