الشارع: (البول يوجب الوضوء والنوم موجب للوضوء) فالمراد بالوضوء عند انفراد كل من السببين إما الماهية أو مطلق الفرد، فلو أريد عند اجتماعهما الفرد المغائر للأول لكان لفظ (الوضوء) مستعملا في معنيين، وهو غير جائز.
ورابعها: أنه على القول المشهور من وضع الألفاظ المطلقة للماهية يكون عند التعدد مستعملا في الفرد قطعا، ضرورة عدم تعدد في الماهية، وهو مجاز معارض لتخصيص عموم السبب، والتخصيص إما مقدم على المجاز - كما هو المشهور - أو مكافئ له - كما هو الحق - وعلى التقديرين لا يعلم عموم ما دل على السببية بحيث يشمل المورد، فلا دافع لأصل التداخل الأولي (1).
وهذه الوجوه كلها في النظر القاصر ساقطة.
أما الأول: فلأن قوله: (من بال فليتوضأ) لا شبهة في دلالته على أن المسبب ينبغي حدوثه بعد حدوث هذا السبب، ولا يفهم أحد من ذلك احتمال كفاية الوضوء السابق على البول عن هذا الخطاب وإن كان انتزاع معنى لفظ من لفظ آخر لا يفيد اشتراكهما في سائر المقتضيات اللفظية، لكن مقامنا لا يحتاج إلى إثبات قضية كلية.
بل نقول: إن المثالين اللذين ذكرهما لا يفترقان في الدلالة على حدوث المسبب بعد السبب، كيف! وظاهر اللفظ الشرطية المستلزمة لتقدم حصول الشرط على مشروطه، وكيف يعقل وجوب وضوء حصل قبل البول بعد البول؟ فتبصر.
وبالجملة: الفرق بين الموارد في ذلك لا يرتكبه من هو متهم في فهمه مشوب في فكره، فضلا عن الناقد المتفحص (2) أو أهل اللسان المحض.
وأما الثاني: فلما قررنا في المقدمات: أن ورود الحكمين المتماثلين من جهة واحدة محال، ومن جهتين متغائرتين موجب لتعدد موضوع الحكم بحسب