وليس المراد بالمعين الخارجي الواقعي وإن لم يلتفت إليه المكلف - كما تخيله بعضهم - فإن من عليه غسل جنابة لا غيره من الأغسال إذا اغتسل وأطلق في القصد لم يمتثل وإن كان ما في الذمة معينا، لأن المكلف لا بد أن يعلم بالتعين ولو بالإشارة إلى معين خارجي، كنية ما في الذمة عند عدم العلم به في وجه، والمفروض: أن الأفعال التي هي محل البحث في التداخل إنما هي مشتركة بين الأمور المتداخلة، فلا يحصل الامتثال عرفا إلا بالتعيين، ولا يتعين إلا بالإضافة إلى سببه، بمعنى: أن يلتفت المكلف إلى أن هذا الدينار مال كفارة، لا مال زكاة، وقصد القربة هو اللازم دون ما عداه - كما ذكره المورد - لكن التقرب ينوى بالمأمور به، والفرض أن المأمور به غسل الجنابة لا مطلق الغسل، وصلاة التحية لا مطلق الصلاة، وقصد السبب ليس شيئا زائدا على تعيين المأمور به، وهو لازم قطعا.
والجواب عن الثاني: أن بعد لزوم تعيين المأمور به من بين احتمالاته التي فيه التداخل لو ثبت كيف ينوي ألف سبب في مسبب واحد؟ إذ ليس نية السبب للتعبد اللازم - كما قررناه - حتى يقال: لنا أن ننوي عشرة في واحد، إذ اللازم التعيين، ومعنى التعيين: كون هذا المأتي به ذاك الذي امر به - مثلا -.
فإن قلت: هذا مسلم، ولكن نقول: ينوي ذاك السبب وهذا السبب فيتعين، ولا يبقى مشتركا، لتعينه للأسباب المنوية دون ما لم ينو.
قلت: ما ندري ما المراد بتعينه لثلاثة أسباب؟ إن كان معناه: كون الواحد ثلاثة فالمكلف أتى بكل من الثلاثة وامتثل، فقد أسلفنا سابقا أن هذا الاحتمال في التداخل ضعيف، والواحد لا يكون ثلاثة، والقصد لا يكفي، وكونه بمنزلتها تعبدا - كما ذكرناه سابقا - فرع ورود الدليل الخاص، والفرض عدمه. وإن كان المراد: أنه واحد مسقط للباقي، فلا ريب أن الواحد المأمور به معين، ليس مطلقا ولا مرددا بين الأفراد - كما أشرنا إلى وجهه سابقا - فلا بد من قصد الواحد المعين حتى