أتى ثانية بقصد الامتثال فقد شرع وأتى بما لم يؤمر به.
فلو كان غسل الجنابة والحيض والنفاس وغير ذلك من الموارد التي يبحث فيها عن التداخل كذلك لكان الإتيان بالمتعدد غير جائز، ولكان داخلا في التشريع المحرم. وقد مر البحث في هذا النقض والإبرام بحذافيره.
وبالجملة: تعدد المأمور به مما لا يمكن إنكاره، وكون التعيين شرطا في الامتثال - على ما قرر - لا كلام فيه، ولازم هذين الأمرين إضافة كل مسبب إلى سببه حتى يتعين، فلا يمكن إدخال غيره معه، بل يلزمه إما كون المتعدد واحدا وهو محال، أو الترجيح بلا مرجح وهو كذلك.
نعم، إذا قال الشارع: هذا الواحد المعين يكفي عن أربعة، أو واحد على الإطلاق كذلك، أو إذا نويت الثلاثة فهي حاصلة، فهذه كلها تعبدات نطالب فيها بالدليل، ولو خلينا ونفس الأسباب والمسببات لكان الأمر على حسب ما قررنا.
هذا ما يقتضيه النظر القاصر، والله العالم بالخفيات والسرائر.
وثالثها (1): أن السببين إذا وجدا، فإما لا يثبت بهما مسبب، أو يثبت بهما مسبب واحد، أو مسببان.
وبطلان الأول واضح، لأنه ترك لدليل السببية من دون داع وعلة.
والثاني كذلك، لأن المسبب الواحد إما لواحد منهما معين، أو لغير معين، أولهما على الاشتراك. والأول تحكم وطرح لدليل سببية الاخر، والثاني موجب لترك سببية أحدهما لا على التعيين من دون جهة، والثالث ترك لسببية كل منهما، إذ مقتضاهما (2) الاستقلال، وهذا إثبات السببية للمجموع المركب، وهو غيرهما معا، فلم يبق إلا الوجه الثالث، وهو المطلوب.
ورابعها: أن السببين إذا تعاقبا، فلا شبهة في أن السبب الأول موجب