الذهن، لكن تتحصل من ذلك كله صورة كلية تنطبق عليه هذه الصور الذهنية، كما في مثال السواد، فإن مشاهدة كل واحد من أفراد السواد توجب حصول صورة خاصة في الذهن معلول لتلك الأمارة، ومع ذلك ينطبق هذه المختلفات على ماهية السواد المتصورة في الذهن.
وحيث إن للكلي أيضا وجودا ذهنيا كالخصوصيات، فالموجودات المتعددة في الذهن كالخصوصيات تنطبق على موجود واحد كلي، وذلك واضح.
ويرد عليه أمران:
أحدهما: أن الخصوصيات وإن كان يحصل من كل منها (1) صورة ذهنية مغايرة وتنطبق على الكلي، لكن لا تعد هذه الجزئيات معرفة للكلي، لأنا نقول: إن زيدا من حيث هو زيد ليس معرفا للإنسان، والسواد الموجود في جسم خاص بنحو خاص ليس معرفا لماهية السواد، بل الخصوصية لا مدخل لها للتعريف، والمعرف حقيقة ذلك الشئ الوحداني القدر المشترك الذي يحصل بتوسطه الصورة في الذهن، كالجزئيات بعينها.
فكما أن الخصوصية المحسوسة موجبة لحصول صورتها في الذهن، فكذلك القدر المشترك الموجود في الخارج المدرك بالنظر.
وثانيهما: أن المراد من انطباق ألف موجود ذهني على شئ واحد، إن كان مع قطع النظر عن الخصوصية، فلا اختصاص لذلك بالموجود الذهني، بل الموجود الخارجي كذلك، فإن بناءا على وجود الكلي الطبيعي في الخارج بوجود الفرد أو في ضمنه - على اختلاف التعبير، أو القول - يكون في الخارج موجودان وإن اتحد الوجود، ولا ريب أن الأفراد للكلي الواحد مختلفة كثيرة والطبيعة الموجودة واحدة، فالخارج أيضا كالذهن في ذلك، ولا ريب أن الأفراد الموجودة في الخارج مع قطع النظر عن خصوصياتها منطبقة على طبيعة موجودة في الخارج.