الاخر مقامه، كما هو المشاهد في تعدد الأدلة.
وثانيهما: أن نقول: يراد بالمعرف ما كان علة تامة للمعرفة مؤثرا في حصولها بالفعل، لكن لما كان الوجود الخارجي للشئ لا يكون إلا واحدا - لأن الشئ في ظرف الخارج ليس له وجودات متعددة، بل هو إما موجود فيه أو معدوم، بخلاف الوجود الذهني، فإن الوجود فيه متعدد بتعدد الأذهان وأهل المعرفة - فيمكن أن يقال: إن اجتماع المعرفات للشئ الواحد معناه: أن الشئ يمكن أن يكون له أمارات يهتدي بكل منها واحد من طالبي المعرفة، فيكون كل من المعرفات علة تامة للتعريف، وإن كان لو اجتمع المعرفان في شئ واحد بالنظر إلى شخص واحد لا يفيد اللاحق حينئذ شيئا جديدا، لأنه تعريف للمعروف.
وأما الوجود الخارجي فليس له أفراد متعددة وصور متغايرة ممكنة الانفكاك حتى يتعدد العلة الحقيقية للشئ ويكون الشئ في كل من وجوداته مستندا إلى شئ من ذلك، فتدبر.
وأما الجواب المذكور، فتوضيحه: أنا نقول بأن المعرف علة تامة للوجود الذهني، ولا نقول بكون كل من المعرفات بالنظر إلى شخص آخر، بل نقول بالنظر إلى شخص واحد يحصل من اجتماع المعرفات معرفات كثيرة وصور ذهنية عديدة.
وبعبارة أخرى: كما أن العلة التامة إذا تعددت تعدد معلولها في الخارج فكذلك المعرف إذا تعدد تعدد الصور في الذهن بعداد المعرفات، لكن الاجتماع في المعرف معناه: أن الصور المتعددة الحاصلة من المعرفات تنطبق على صورة وحدانية يتوارد عليه المعرفات كافة.
وبتقرير آخر: أن الوجود الخارجي لا يكون إلا الأشخاص الجزئية، وانطباق اثنين منها على موجود واحد محال، لتباين الجزئيين، بخلاف الوجود الذهني، فإنه يلاحظ - مثلا - فيه الخصوصيات ويحصل بكل أمارة صورة خاصة في